المسؤولية المدنية M5 - S3 -القانون بالعربية - تلخيص

تتمة الدرس
الفصل الأول :
تعريف المسؤولية المدنية : المسؤولية المدنية هي التزام شخص بتعويض عن ضرر الحقه بالغير، سواء كان هذا الالتزام محددا في نصوص او غير محدد، وهي عقدية إذا وقع الإخلال بعقد قائم بين المخطئ والمتضرر.

الفصل الثاني :
أركان المسؤولية التقصيرية من التدقيق في الفصلين المشار اليهما أعلاه يتبين ان أركان المسؤولية التقصيرية ثلاثة وهي:
1)الخطا - 2 - الضرر - 3 - العلاقة السببية بين الخطا والضرر.
1-الخطا :
الخطا هو الركن الأول والاهم في المسؤولية التقصيرية، وهو الإخلال بالتزام قانوني عام، مع ادراك هذا الإخلال من طرف المخطئ. والخطا سواء كان بالفعل او بالترك يوجب المسؤولية .
فالخطأ بالفعل هو الخطأ الإيجابي أي عندما يقوم المخطئ بعمل مخالف للقانون والاعراف واللوائح، كمن يقتل شخصا او يتلف مال غيره، وكل جريمة تنشا عنها مسؤولية تقصيرية متى نتج عنها ضرر للغير .
والخطاء بدوره، يتكون من عنصرين :
الأول : عنصر مادي او موضوعي وهو الفعل الضار ويسمى اصطلاحا بالتعدي.
الثاني : عنصر معنوي وهو ادراك الشخص للخطا الذي ارتكبه ويسمى ايضا التمييز.
1)التعدي :
التعدي هو الإخلال بالتزام قانوني عام، سواء كان محددا في نصوص او غير محدد، وهو ايضا الانحراف عن سلوك الشخص العادي في تصرفاته .
ولكن ما معيار هذا الانحراف ؟ ومن هو الشخص العادي الذي يجب ان يتخذ مثالا ومقياسا لكل شخص وقع به الخطا حتى نتمكن من مساءلته ؟ الواقع ان هناك خلافا كبيرا بين الفقهاء في تحديد المعيار الذي يجب ان يقاس به هذا الانحراف، اهو معيار شخصي ينظر فيه الى الشخص المعتدي ؟ ام هو معيار موضوعي ينظر فيه الى الاعتداء نفسه بقطع النظر عن الشخص الذي قام به ؟
2 )الإدراك:
نص الفصل 177 اعلاه " كل فعل ارتكبه الانسان عن بينة واختيار " فالبينة اذن وهي ادراك الشخص للعمل الذي يقوم به ويعرف انه فعلا يقوم بعمل فيه ضرر للغير، فاذا انعدم هذا الادراك انعدمت مسؤولية المعتدي وقد اكد هذا الاتجاه الفصل 96 من نفس القانون فقد نص على ان القاصر عديم التمييز لا يسال مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله" ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل بالنسبة الى الاعمال الحاصلة في حالة جنونه .
1- لضرر :
الضرر هو الركن الثاني من اركان المسؤولية التقصيرية ذلك انه لا مسؤولية تقصيرية اذا ما ارتكب شخص مخالفة للقانون ولم يحدث ضررا للغير كمن يقود ليلا سيارته بدون انارة او من يسوقها في اتجاه ممنوع، او من يسوق ناقلة بدون رخصة السياقة فهؤلاء الاشخاص قد ارتكب كل منهم مخالفة للقانون وبالتالي ارتكب خطا الا ان هذا الخطا لم يتسبب في احداث ضرر للغير وبذلك ينتفي الركن الثاني من اركان المسؤولية، وبالتالي تنتفي المسؤولية التقصيرية.
الضرر المادي :
الضرر المادي هو الاخلال المحقق بمصلحة للمتضرر ذات قيمة مالية ولا يعتد بالضرر الا اذا توفر فيه الشرطان الاتيان .
1)ان يكون الضرر محققا .
2)ان يصيب حقا او مصلحة مالية للمتضرر .
1)ان يكون الضرر محققا.
ان مسؤولية المخطئ كما رأينا اعلاه لا تقوم، الا اذا وقع للمتضرر ضرر، لذلك نقول ان الضرر يجب ان يكون محققا وهو اما ان يكون قد وقع فعلا كالشخص الذي تعرض لحادثة سير اودت بحياته فيتضرر ورثته من جراء ذلك، وهذا الضرر تحقق وقد وقع فعلا كمن تعرض لحادثة واصيب بجروح، الا ان هذه الجروح لم تشف بعد ولم تستقر لمعرفة هل تركت عجزا جزئيا دائما للضحية ام لا ؟ فهذا ضرر محقق الوقوع وهو ما يسمى بالضرر المستقبل الا انه لم يحدد بعد ذلك كمن يحرق متجره فيهرع رجال المطافئ لمكان الحريق ويطفونها فبعضها اتت عليه النيران وبعضها اغرقته مياه رجال الاطفاء كما انه من الممكن ان يصاب مبنى المتجر باضرار نتيجة الحريق فهذه اضرار محققة الا انها لم تحدد بعد .
2)ان يصيب الضرر مصلحة مالية للمتضرر :
يشترط لقيام المسؤولية التقصيرية ان يكون الضرر قد اصاب مصلحة مادية للمتضرر وهناك فرق بين الحق المالي والمصلحة المالية، فالمصلحة المالية اوسع من الحق المالي واشمل ذلك ان الحق المالي هو المتعلق مباشرة بحقه في الحياة وحقه في المحافظة على املاكه واستغلالها، فالشخص الذي يصاب باضرار جسمانية يكون قد اصيب في حقه في المحافظة على سلامة جسمه، ومن اصيب في ماله كمن احرقت داره او تهدمت بفعل الغير يكون قد تضرر في حق مالي، وقد يصيب الضرر شخصا اخر بالتبعية باصابة هذا الشخص يصاب شخص اخر نتيجة لاصابة الشخص الاول فاذا ما قتل شخص فانه يصاب في حياته ويصاب اولاده وزوجته في حقهم في النفقة بوفاته، لانهم فقدوا فيه معيلهم .
الضرر الادبي :
الضرر الادبي او المعنوي هو الضرر الذي لا يصيب الشخص في ماله او في مصلحة مالية ولكنه يصيبه في عاطفته وشعوره.
فالشخص الذي يتعرض للاهانة او السب او القذف من طرف اخر فانه يصاب بضرر معنوي وكذلك الشخص الذي يصاب بفقد عزيز عليه، .انتقال الحق في التعويض عن الضرر: 
لما يتعرض شخص لضرر مادي بالشروط المبينة اعلاه يصبح له الحق في المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي لحقته من المتسبب في الضرر وله ان يحول هذا الحق الى غيره بعوض او بغير عوض، ولورثته في حالة وفاته قبل ان يقيم الدعوى ان يقيموا الدعوى ضد المتسبب في الحادثة لطلب التعويض عن الاضرار المادية التي لحقت بموروثهم في ماله وهي السيارة التي تحطمت بسبب الحادثة، والتي تدخل في التعويض المادي للضحية لانها تتعلق بماله وتدخل في الذمة المالية له وبالتالي في تركته وتقسم بين الورثة حسب قواعد الارث .
رقابة المجلس الاعلى ركن الضرر:
ان تقدير الوقائع المتسببة في الضرر، ومقدار التعويض الممنوح لتغطية الضرر مسالة واقع لا رقابة للمجلس الاعلى فيها على المحكمة. ولكن تكييف تلك الوقائع من حيث كونها تكون ضررا ام لا وهل الضرر محقق او محتمل وما الضرر المعنوي الذي يجب تعويضه؟، فانها مسائل تخضع المحكمة في تقديريها لرقابة المجلس الاعلى .
العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
تعريــف: السببية هي اسناد فعل من الافعال آلي مصدره المباشر، وهي في معرض بحثنا :العلاقة المباشرة التي تقوم بين خطا شخص والضرر الحاصل لشخص اخر نتيجة ذلك، الخطا وهي الركن الثالث من اركان المسؤولية المدنية الذي لا تقوم آلا بتوافره، وكثيرا ما يحدث خطا من شخص وضرر لشخص اخر، آلا ان العلاقة السببية بين الخطا والضرر تنعدم، وبانعدامها تنعدم مسؤولية المخطئ رغم الخطا الذي ارتكبه.
وقد يقع ضرر لشخص نتيجة فعل قام به شخص اخر وتقوم السببية بين فعل الاول وضرر الثاني الا ان مرتكب الفعل لا يعد مسؤولا عن الضرر الحاصل للمتضرر وذلك اذا كان الفعل الذي قام به الفاعل لا يعتبر خطا، كالدائن الذي يوقع الحجز على منقولات مدينة نتيجة عدم وفاء المدين بالتزامه وتباع بالمزاد العلني بأبخس الاثمان، فلا شك ان المدين تضرر من بيع منقولاته، الا ان الدائن الذي تسبب في هذا البيع لا يعد مسؤولا لانه مارس حقا له مشروعا، ولان الضرر يرجع الى خطا المدين نفسه.
خطــــا الغيــــــر
تعريف الغير : يقصد بالغير هنا كل من سوى المضرور والمدعى عليه، والاشخاص الذين يساءل عنهم، اما الاشخاص الذين يساءل عنهم المدعى عليه بمقتضى القانون كابنائه القاصرين الساكنين معه، او مختلي العقل او بمقتضى العقد كخدامه اثناء حالة التبعية او التلاميذ في المدارس بالنسبة للمعلمين او الاطفال في اندية الشبيبة والرياضة بالنسبة لمدربيهم او مختلي العقل بالنسبة لمن كلفوا بمراقبتهم وحراستهم، او متعلمي الحرف والصناعات بالنسبة لمعلمي هذه الحرف الفصلان 85 و85 مكرر من قانون العقود والالتزامات. فهؤلاء جميعا لا يعتبرون من الغير، في حالة ما اذا ارتكب المسؤول عنهم خطا او ارتكب احدهم خطا ساعد على وقوع الضرر لاحد من الغير .
وهكذا، اذا ما ارتكب المدعى عليه خطا ادى الى احداث ضرر للمضرور، وساعد على هذا الضرر خطا ارتكبه احد الذين يسال عنهم المدعى عليه المذكورين اعلاه، فان المدعى عليه يسال عن الضرر الكامل، ولا يمكنه ان يدفع بخطا الغير، لان هذا الغير ليس اجنبيا عنه .
خطا الغير وحده
قد يرتكب غير المدعى عليه، خطا احدث ضررا للمدعي، وفي هذه الحالة اذا ما ثبت ان خطا الغير هو السبب المنتج وحده لاحداث الضرر للمدعي فان خطا هذا الغير، يقطع العلاقة السببية بين فعل المدعى عليه، والضرر الحاصل للمدعي، ويعفى المدعى عليه من كل مسؤولية اتجاه المضرور المدعي.
وفي جميع الحالات المتقدمة في خطا الغير فان المدعي عادة يقيم الدعوى ضد المتسبب في الضرر مباشرة ثم يعمد هذا الاخير، الى ادخال الغير المتسبب في الضرر في الدعوى، وفي حالة ثبوت خطئه فان المحكمة تخرج المدعى عليه الاول من الدعوى متى تبين انه لم يرتكب اي خطا وتحكم على المدخل المسؤول بكل التعويض المستحق للمدعي .
ومن غير الضروري ان يكون هذا الغير معلوما، ليكون خطاه معفيا للمدعى عليه، فقد يمكن ان يكون الغير مجهولا متى ثبت من التحقيق او اثبت المدعى عليه ان الخطا ارتكبه الغير وان هذا الغير مجهول.
تعدد المسؤولين
قد يرتكب المدعى عليه خطا ويرتكب الغير خطا دون ان يستغرق احدهما الاخر -راجع استغراق احد الخطاين الاخر، عدد 21 من هذه المجلة - " فنكون في حالة تعدد المسؤولين، بمعنى ان كل واحد منهما او منهم يعد مسؤولا عن جزء من التعويض عن الضرار اللاحق بالمدعي، حسب جسامة او بساطة الخطا الذي ارتكبه اتجاه المضرور، ولا فرق في ذلك سواء كانت المسؤولية عقدية او تقصيرية، وسواء كان الخطا واجب الاثبات او مفترضا تجاههما معا او تجاه احدهما دون الاخر .
خطا الضحية يضاف الى خطا الغير

من التدقيق في الفصلين السابقين يتبين ان المشرع المغربي على غرار الشريعة الإسلامية، الزم كل من تسبب في الضرر سواء بخطإه او بفعله العمدي، ان يعوض المتضرر عما احدثه له من ضرر.

قد ترتكب الضحية خطا يضاف الى خطا الغير فيكون اطراف العلاقة ثلاثة ضحية من جهة ومسؤولين الا ان الضحية في هذه الحالة يكون هو الاخر قد ارتكب خطا ساهم في ارتكاب الحادثة مثال ذلك سائق سيارة نقل يقف في مكان غير مخصص لنزول الركاب وبعيد عن الطوار الايمن ويفتح الباب لينزل احد الركاب وعند نزول هذا الاخير دون احتياط ودون التاكد من خلو الطريق يمر راكب دراجة نارية ويصدم النازل فيصاب بجروح فلا شك ان كلا من سائق الناقلة قد ارتكب خطا بوقوفه في مكان غير مخصص للوقوف، كما لم يلتزم يمينه عند الوقوف وان الضحية هو الاخر قد ارتكب خطا بنزوله دون احتياط ودون ان يتاكد من خلو الطريق.


وتقصيرية وهي موضوع عرضنا هذا - وتقوم إذا وقع الإخلال بالتزام قانوني عام، يوجب عدم إلحاق ضرر بالغير سواء كان هذا الإخلال عمدا كمن يرمي حجرا على شخص عمدا فيصيبه بجروح، او غير عمد، كمن يجري فيعثر ويمسك بشخص بجواره ليتفادى السقوط فيمزق ثيابه او يسقط شيئا كان يحمله الشخص في يده فيتكسر، وقديما قال فقهاء الشريعة الإسلامية " العمد والخطا في أموال الناس سواء" اي ان المتسبب في الضرر يضمن سواء كان فعله عمدا او خطا.

والمسؤولية المدنية تقوم في كلتا الحالتين، اي سواء كان الفعل مقصودا او غير مقصود، فقد نص الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود على ان "كل فعل ارتكبه إنسان عن بينة واختيار ومن غير ان يسمح له به القانون فأحدث ضررا ماديا او معنويا للغير، الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، اذا اثبت ان ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر، وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر".

ونص الفصل 78 من نفس القانون على ان "كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي او المادي الذي أحدثه لا بفعله فقط، ولكن بخطاه أيضا، وذلك عندما يثبت ان هذا الخطا هو السبب المباشر في ذلك الضرر" .

 فاذا اعتمدنا على المعيار الشخصي، كان علينا ان ننظر الى الاعتداء من خلال الشخص المعتدي، فنبحث هل الفعل الذي قام به يعتبر بالنسبة اليه انحرافا عن السلوك العام القويم ام لا ؟ والحقيقة انه بالاعتماد على المعيار الشخصي نكون امام عدة معايير تختلف باختلاف الاشخاص وتتعدد بتعددهم، ذلك ان سلوك الشخص الذكي الحاذق يختلف عن سلوك الشخص الغبي البليد، كما ان سلوك الشخص الحذر اليقظ يختلف عن سلوك الشخص المتهور المهمل، فاي انحراف من الشخص الذكي اليقظ يعد تعديا يستوجب مسؤولية بينما نفس الانحراف من الشخص المتوسط الذكاء او الغبي لا يعد تعديا، وبالتالي فلا مسؤولية عليه، وفي الاعتماد على هذا المعيار اي المعيار الشخصي ضرر على المعتدى عليه وضياع لحقوقه .

 والضرر قد يكون ماديا اي يصيب المتضرر في ماله كمن تمزقت ملابسه او تحطمت سيارته نتيجة اصطدام او احترقت بضائعه المنقولة على متن ناقلة او اصيب في جسمه بجروح تستدعي علاجه، وتوقيفه عن العمل وقد تصل الى موت شخص نتيجة حادثة فيتضرر ورثته الذين تحت كفالة بفقد معيلهم وقد يكون الضرر معنويا اي يصيب المتضرر في عاطفته او شعوره كمن يفقد عزيزا عليه او تهان كرامته او يصاب بتشويه في جسمه وان كان التشويه يحدث ضررا ماديا ومعنويا يستحق عليه المتضرر تعويضا وسنتكلم عن كل منهما في بحث خاص.

 فمن يسوق سيارة وهو لا يتوفر على رخصة السياقة ويسير بسرعة معتدلة مراعيا قانون السير فيصدم شخصا ثملا يسير ذات اليمين وذات الشمال في الطريق العام ويصاب هذا الاخير بجروح، فلا شك ان سائق السيارة ارتكب خطا بسياقته السيارة بدون رخصة، ولا شك ايضا ان الشخص الثمل تضرر من جراء الجروح التي اصيب بها نتيجة اصطدامه بالسيارة، آلا انه ليس هناك علاقة سببية بين خطا السائق الذي هو السياقة بدون رخصة وبين ضرر المجروح، ذلك ان سبب وقوع الضرر للمار يرجع آلي خطئه لا آلي السياقة بدون رخصة.

 وكذلك من يقوم بوضع سم لشخص في الطعام فيتناول هذا الشخص الطعام المسموم آلا انه قبل ان يفعل السم فعله في الاكل، يأتي شخص ويطلق عليه عيارا ناريا فيرديه في الحال فلا شك ان اطلاق الرصاص على الشخص المسموم هو الذي ادى آلي قتله، وقد قطع السببية بين فعل واضع السم وموت الأكل وبالتالي فان واضع السم لا يعد مسؤولا مدنيا عن وفاة الضحية، ولا يمكن لورثة هذا الاخير ان يطالبوه بتعويض عن وفاته، وان كان جنائيا بعد مرتكبا لمحاولة جناية التسمم المنصوص عليه في الفصلين114و998 من القانون الجنائي المعاقب عليه كالجريمة التامة.