مدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير S1-M6

تتمة الدرس
مدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير S1-M6


مدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير S1-M6

مدخل الى العلوم الاقتصادية و التدبير S1-M6

تعريف الاقتصاد : 
الاقتصاد كتخصيص هو فرع من العلوم الاجتماعية وهو إدارة الموارد الشخصية والنادرة وينظر في الأشكال التي يتخذها السلوك البشري في تطوير هذه الموارد. و"الاقتصاد" كلمة يونانية إغريقية وتعني إدارة المنزل وتدبيره ويرتبط بالإحداثيات الجغرافية. 
  
يعرف الاقتصاد بأنه العلم الذي يبحث في كيفية إدارة واستغلال الموارد الاقتصادية النادرة لإنتاج أمثل للسلع المعدة للاستهلاك وإشباع الحاجيات الإنسانية وهذه الحاجات الإنسانية هي

عناصر مادية لا تتسم دائما بالوفرة والتنوع في ظل إطار معين من القيم والتقاليد والتطلعات الحضارية للمجتمع.
كما يبحث علم الاقتصاد في الطريقة التي توزع بها هذه المنتجات الاقتصادية بين المشتركين في العمل الإنتاجي بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ظل الإطار الحضاري نفسه.
إن كل بناء اقتصادي يقوم على شقين رئيسيين :الأول مادي تقني والثاني معنوي.
الجانب المادي والتقني من العملية الإنتاجية : وهو الجانب الذي يتناوله علم الاقتصاد والعلوم الطبيعية الأخرى بالدراسة وهذا الجانب يعرف بالاقتصاد السياسي وهو لا يختلف من بلد لآخر مهما اختلفت المذاهب والتشكيلات السياسية ومهما اختلف النظام الاقتصادي المعمول به.

الجانب المعنوي : هو الذي يستهدف ضبط السلوك البشري على هذا الاقتصاد الأصلي السياسي وهذا الجانب ينطوي على تصور عقائدي يحدد الهدف ويعين القيم ويرسم قواعد السلوك التي تلزم الفرد والجماعة باتباعها .
 ويختص علم الاقتصاد بدراسة الأمور التالية : 

ماهية السلع والخدمات التي ينتجها المجتمع : أي نوعية السلع والخدمات التي يتم إنتاجها وفقا للموارد الاقتصادية المتاحة التي تتميز بالندرة النسبية ، الأمر الذي يقتضي المبادرة بين الاستخدامات البديلة من خلال آليات السوق.
بآية طريقة يتم الإنتاج : هناك طرق إنتاجية متعددة :
ª    طرق إنتاجية كثيفة العمالة ( تستخدم يد عاملة كثيرة ).
ª    طرق إنتاجية كثيفة الرأسمال التقني.
ª    طرق إنتاجية كثيفة التكنولوجيا .
كيفية توزيع الإنتاج بين أفراد المجتمع :  ومعناه كيفية توزيع الناتج القومي من السلع والخدمات بين عناصر الإنتاج للمشاركة في العملية الإنتاجية (العمال.ملاك الأراضي.أصحاب الرأسمال.المنظمون...).
وقد شهد العالم العديد من الأنظمة الاقتصادية أهمها :
ü    النظام الاقتصادي الإسلامي : الذي يلائم بين الملكية الخاصة والملكية العامة.
ü    النظام الرأسمالي : الذي يقوم على أساس الحرية المطلقة للإفراد في ممارسة النشاط الاقتصادي والحد من الملكية العامة.
ü    النظام الاشتراكي : و الذي يركز على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج.
ü    ما مدى الكفاءة التي تستخدم بها الموارد الاقتصادية : معناه هل يتم الإنتاج بطرق معقلنة وبأيدي عاملة كفئة ويوزع الإنتاج بطريقة عقلانية ؟
ü    هل موارد المجتمع الاقتصادية موظفة  توظيفا كاملا ؟
ü    هل الطاقة الاقتصادية تنمو بصورة مضطربة مع الزمن أم أنها تظل ثابتة ؟

وينقسم علم الاقتصاد إلى جزئين :

1.    الاقتصاد الجزئي : يختص بدراسة الظواهر الاقتصادية الجزئية مثل دراسة سلوك الوحدات الاقتصادية الفردية كسلوك المستهلك وسلوك المنتج ونظرية الثمن وسعر السلعة.
2.    الاقتصاد الكلي : يختص بدراسة الظواهر الاقتصادية الكلية كالناتج القومي والاستثمار والادخار والطلب الكلي والعرض الكلي.

::::::::::::::::::::: شروحات ::::::::::::::::::::::::::
تاريخ الأنظمة الاقتصادية......النظام البدائي ، الإقطاعي ، الرأسمالي ،الاشتراكي.


الفكر الاقتصادي في العصور القديمة والوسطى :


هذه المرحلة شهدت فكرا اقتصاديا يتناول العصور القديمة والوسطى.
 قبل ميلاد علم الاقتصاد في منتصف القرن 18 تقريبا لم يكن للفكر الاقتصادي وجود مستقل وإنما تجده في أحضان أشكال أخرى من الفكر في أحضان الفلسفة الإغريقية وفي أحضان الفكر اللاهوتي (الديني) في العصور الوسطى وفي أحضان التاريخ كما تمت فلسفته عند المفكرين العرب في القرن14.
وفي العصور القديمة (قبل الميلاد) كانت البداية عند الإغريق والرومان.

الفكر الاقتصادي اليوناني :  عند الإغريق ارتبط الاقتصاد بالأفكار الفلسفية والاجتماعية ومناقشة الأمور الجارية العادية دون أن تكون له ذاتية مستقلة تعبر عن الواقع وتقدم نظرية متكاملة في كليتها.ومن بين مفكري تلك الفترة يعتبر أفلاطون وأرسطو من ابرز الفلاسفة الذين تعرضوا للمشاكل الاقتصادية.
يمثل الانجاز الرئيسي لأفلاطون في الوصف الذي قدمه بتقسيم العمل واصل الدولة .....يحث في تقسيم العمل بمناسبة الحديث عن الدولة المثالية وهو يرجع أساس الدولة إلى عامل اقتصادي وينادي بضرورة السير في بناء العمل الجاد. فكل شخص في المجتمع اليوناني القديم مطالب بالتخصص في عمله.
يبني أفلاطون فكرته في تقسيم العمل في جانبين : الأول : اختلاف المواهب الطبيعية وفي هذه الحالة فان عملية التخصص تزيد من الإنتاج كما تقوم بتحسين النوعية.أما الجانب الثاني :  فيتجلى في تصوره لتنظيم الدولة وفي هذا الإطار يقسم أفلاطون المجتمع إلى ثلاث طبقات تتوفر كل طبقة على نوع من النشاط :

-    الطبقة الأولى : تسمى طبقة المنتخبين.
-    الطبقة الثانية : وهي طبقة الجنود.
-    الطبقة الثالثة : وهي طبقة الحكام.
ويشترط أفلاطون أن يكون للفلاسفة دور دون ان تكون لهم روابط بين هذه الطبقات.
أما البحث في المشكلات الاقتصادية عند أرسطو فقد وجد في أحضان الأخلاق والفلسفة والسياسة شأنه في ذلك شأن أفلاطون ولكنه أول من قدم ما يمكن تسميته بنظرية اقتصادية ...............وهو يرى أن الدولة ظهرت نتيجة تطور تاريخي ولتحقيق غايات اكبر من اجل إشباع الحاجيات المادية للمواطنين ودافع أرسطو بشدة عن الملكية الخاصة والحق الطبيعي في الاقتناء وهي أمور تتفق وميول الإنسان . كل هذا يحفز هذا الأخير عن العمل لذلك دافع أرسطو عن الرق على أساس اقتصادي وهذا كله من المزايا التي منحتها الطبيعة للأفراد.
ركز التحليل الاقتصادي لأرسطو على الحاجيات وإشباعها وطرق الحصول على الأموال هذه الأخيرة لا يمكن أن تتأتى إلا بالأنشطة التالية : الزراعة ،تربية الماشية ،استخراج المعادن، والعمل في التجارة التي يجب إدانتها.

الفكر الاقتصادي الروماني :  بالرغم من أن الرومان لم يقدموا فكرا اقتصاديا يرقى إلى الفكر اليوناني إلا أنهم اثروا في الفكر الاقتصادي اللاحق من خلال تنظيماتهم القانونية والتكوين الذي يهتم بدراسة القانون و للرومان في هذا الإطار مساهمات أساسية.
إن الأفكار الخاصة التي تأثر بها القانون الروماني في الفكر الاقتصادي هي فكرة القانون الطبيعي التي احتلت مكانة بارزة من خلال الفكر الاقتصادي في ق18 حتى أوائل ق 20.

العصور الوسطى  :
كان سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب والشرق والإمبراطورية الفارسية وظهور الدولة الإسلامية ايدانا بانهيار العالم القديم وبداية العصور الوسطى والتي تميزت بتيارين اثنين :

أ‌.    الفكر الاقتصادي الغربي : وتتلخص أهم معالم هذا الفكر في ظهور ما يسمى فكر المدرسين الذي ازدهر في جامعات أوربا وهي أساسا جامعات تقوم بالدرجة الأولى على تدريس الفكر اللاهوتي ويقصد به تكوين رجال الدين وذلك في محاولة للتوفيق بين الدين والفلسفة أي بين الإيمان والعقل وهي محاولة تّكمَّل في الواقع الصورة التي بدأها العصر القديم واستمرت في الفكر الإسلامي.

ب‌.    الفكر الاقتصادي الإسلامي : لاشك أن مبادئ الدين الإسلامي هي أول واهم مصادر هذا الفكر فقد تضمنت هذه المبادئ تنظيم بعض الجوانب الاقتصادية الهامة نذكر منها :
•    عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية لان ذلك يشكل مساوئ ويضرب في العمق حرية الإفراد.
•    تقديس العمل والحث عليه وتحريم الربا ومناهضة الاحتكار وتنظيم الأسواق على أساس المنافسة الكاملة.

                                           التيار المركنتيلي

تقديم :

عرفت أوربا تحولات كبيرة نتيجة الاكتشافات الجغرافية وحركة الإصلاح الديني وميلاد الأمة أي مفهوم الدولة ولذلك نشط التيار التجاري والذي عرف بالتيار المركنتيلي وهذا التيار كان هدفه اغناء الأمة والأمير الذي يوجد على رأسها ومن اجل تدعيم القوة السياسية والاقتصادية للدولة، لذلك تركز الاهتمام على المستعمرات وثرواتها وقد ساد خلال هده الفترة الاتجاه نحو كسب مزيد من المستعمرات وتقوية الدولة ومؤسساتها.
إن المركنتيلية هي نظام اقتصادي نشأ في أوربا خلال تقسيم الإمبراطوريات والمذهب المركنتيلي هو تيار فكري ظهرت بوادره مع بداية ق 16 وامتدت حتى ق 18 .
وكلمة مركنتيلية جاءت من الايطالية وتعني تاجر ويقوم هذا الفكر على مبدأين أساسيين :

•    الأول : يربط قوة الدولة بما تتوفر عليه من معادن نفيسة .
•    الثاني :توجيه الدولة للاقتصاد وذلك بخلق صناعات محلية لضمان القدرة على المنافسة الخارجية وضمان الأسواق مما يفرض على الدولة مراقبة جودة المنتوجات الصناعية عن طريق سن قوانين صارمة.

المركنتيلية الاسبانية : كان كل اهتمامها منصب على جلب الذهب والفضة وتكديسها .انطلق الفكر المركنتيلي باسبانيا والتي كانت سباقة إلى جمع الذهب والفضة لتقوية الدولة وكانت سياستها في هذا الإطار السياسة البليونية كما قامت اسبانيا على أجبار التجار الإسبان باستعادة أثمان بضائعهم نقدا وبالخصوص ذهبا لتحافظ على هذا المعدن النفيس داخل حدودها الوطنية.

المركنتيلية الايطالية : دخلت الأفكار المركنتيلية إليها في أوائل ق 17 واتخذت في البداية نفس المركنتيلية الاسبانية إلا انه انصب اهتمام الايطاليين بالمشاكل الداخلية من المالية العامة كما أنهم درسوا كيفية تصنيع بلادهم باعتبار الصناعة أداة حقيقية للتنمية.

المركنتيلية الفرنسية : كانت اقرب إلى المنطق العلمي حيث وضعت قوانين اقتصادية مثل القانون الكمي للنقود والذي لايزال يعتبر أساسيا ومركزيا بالنسبة لسياسة المالية لكثير من الحكومات في العصر الحاضر كما أن الفرنسيين درسوا بدقة متناهية أسباب ارتفاع الأسعار كما وضعوا أسسا أولية لإنشاء صناعة وطنية قوية ورأوا في سياسة تراكم الذهب عامل من عوامل إفلاس المنظومة الاقتصادية وبان الأساسي هو الإنتاج وليس تراكم المعادن النفيسة.

المركنتيلية الانجليزية : كانت انجلترا في ق 17 بلدا صناعيا متقدما وكان الهدف الأول بالنسبة إليهم هو الزيادة في تصنيع البلاد وتقوية النسيج الاقتصادي مع الزيادة في الصادرات لجلب المواد النفيسة واستعمالها في شراء المواد الأولية الضرورية للصناعة ، لذلك أصدروا بدورهم قوانين اقتصادية مثل وضع ميزان الاداءات الخارجية متوازن وايجابي مع الرفع من حقوق الجمارك لتشجيع الصادرات وكان من لرواد هذه النظرية توماس مون 
Thomas Munكما اهتم الانجليز بالخدمات الخارجية المرافقة للصادرات والواردات وتمكين البلاد من تجهيز بحري متين لنقل البضائع كما قام الانجليز بإنعاش الاقتصاد الوطني مع الاعتماد أولا على إمكانياتهم الذاتية.
إن المركنتيلية نظرية كلية وشمولية ولا تعنى بتصرفات الفرد بل تهتم بواقع الأمة الاقتصادي فهي اتجاه حركي يبحث عن طريق إثراء الأمم وهو بذلك يعبر عن سياسة اقتصادية معينة حيث ينظر إلى التصنيع والتجارة وتعدد السكان كعناصر مرتبطة بالتحول الدائم لبنية اقتصاد الأمم كما أن المركنتيلية تدعو لتدخل الدولة لحماية الاقتصاد الوطني.

                             التيار الفيزيوقراطي  ( التيار الطبيعي )

تمهيد :
تميز ق 18 بانتشار الفكر والنزعة العلمية في أوربا وتقدمت في هذا القرن علوم الطبيعة والكيمياء والفلك وغيرها من العلوم الإنسانية والاجتماعية. وفي ظل هذه المعطيات والتحولات الفكرية الواسعة التي عرفها العالم الأوربي ظهر التيار الفيزيوقراطي وتأثر تأثرا بالغا بهذه النزعة العلمية وهذا ما اتضح جليا في أعمال رواد هذا التيار الطبيعي.
إن التيار الفيزيوقراطي قدم نظريته الاقتصادية بناء على تشبيه العلاقات الاقتصادية للأفراد داخل الدولة بالعلاقات التي تحصل بين الأعضاء المكونة للجسم الإنساني.

المبادئ الأساسية الفيزيوقراطية :

إن الأفكار الاقتصادية التي نشأت في فرنسا في نهاية حكم لويس 15 أعطت لهذه الجماعة من المفكرين القدرة على تصور وتحليل الظواهر الاقتصادية انطلاقا من الملاحظات الموجودة في الواقع المعاش.
إن أهم ما ميز فكر الطبيعيين هو دعوتهم إلى ترك النشاط الاقتصادي حرا (المنع الكلي لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وفي حرية الأفراد ) وتطورت سياستهم في المقولة المشهورة  " دعه يعمل دعه يسير" أي دع الأفراد يعملون بصورة تلقائية ودع الأمور تجري، وبناء على هذا فقد ذهب الطبيعيون إلى معارضة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي حتى يتوفر المناخ الملائم للممارسة الحرية الاقتصادية .

1.    النظام الاقتصادي أساس الحرية الاقتصادية :

يقول أحد مفكري هذا التيار :" إن الفيزيوقراطية هي علم القانون الطبيعي " وهذا القانون الطبيعي يمكن تعريفه بالنظام المثالي الذي يحقق التوافق بين المصالح المتعددة في الحياة الاقتصادية وبمعنى آخر ، النظام الذي يؤمن الملكية الفردية والحرية الاقتصادية وأن القوانين التي ترعى هذا النظام هي قوانين لا مرد لحكمها لأنها من طبيعة البشر ، والأشياء هي التعبير الحي عن إرادة الله. ويتكون النظام الطبيعي من مجموعة أنظمة تحقق الرخاء للجماعة ويترتب عن كل هذا ضرورة احترام الملكية باعتبارها جزءا من النظام الطبيعي.

2.    الأرض هي مصدر الثروة :

بدأ الطبيعيون تعريفهم للثروة باستبعاد المعدن النفيس كمصدر لها وهذا الأخير في نظرهم مصدر عقيم لها.والثروة كما يعرفها الطبيعيون هي مجموعة القيم التي يمكن استهلاكها عند الرغبة دون إفقار لمصدرها ولذلك نجد بأن النشاط المنتج الوحيد هو الزراعة وما سواها هو مجرد تحويل عقيم لصورة المادية مما يؤدي إلى الإفقار المستمر لكل مكونات الأمة وأن هذه الأنشطة غير الزراعية ليست قادرة على الخلق وإعطاء قيمة مضافة جديدة للنشاط الاقتصادي.
إن الزراعة هي النشاط الوحيد الذي يمنح الإنسان أكثر إنتاج من الصناعة والتجارة ، والريع الصافي هو الفرق بين ما ينفق للحصول على سلعة ما في الميدان الزراعي وبين ما تنتجه الأرض أي ما تمنحه من خيرات للإنسان ويؤدي تضافر جهود الإنسان مع عمل الطبيعة إلى نشوء قيمة جديدة وهي الناتج الصافي.

3.    الجدول الاقتصادي آو توزيع الدخل :

إن نظرية التوزيع هي من أشهر النظريات التي قدمها الطبيعيون في دراساتهم الاقتصادية وركزوا من خلالها على دراسة الاقتصاد وفق نظرية شمولية تدرس الدخل على المستوى الوطني وليس وفق نظرية جزئية ترتكز على دخل الفرد كوحدة للتحليل.
انطلاقا من الريع الصافي وتقسيم المجتمع إلى طبقة عقيمة وأخرى منتجة يتبين انتقال الثروة إلى الطبقة المنتجة الزراعية لتعود إلى نفس الطبقة التي انطلقت منها وهكذا قسم الفيزيوقراطيون المجتمع إلى ثلاث طبقات :

Ø    الطبقة المنتجة : وتشمل العمال الزراعيين الذين يقومون بخدمة الأرض ويخلقون الناتج الصافي.
Ø    طبقة الملاك العقاريين : هؤلاء احتلوا مكانة وسطا بين الطبقة المنتجة والطبقة العقيمة.
Ø    الطبقة العقيمة : وتشمل الحرف الأخرى غير الزراعية.

خلاصة :

رغم المجهودات الفكرية فان أعمال الطبيعيين شابتها بعض النقائص التي فتحت الباب واسعا للانتقاد.

1.    إعطاء أهمية للزراعة : ليس لأنها النشاط الاقتصادي المنتج الوحيد فقط بل إن السبب في ذلك هو رغبة الفيزيوقراطي في تبرير دخل الملاك العقاريين الذين يحصلون عليه دون عمل.

2.    نظريتهم حول القيمة : يسودها الغموض فقد عجزوا عن أعطاء تفسير واضح ومقنع أن الصناعة والتجارة (نشاط الطبقة العقيمة) يمكن أن يكون كذلك منتجا له دور أساسي في الريع الصافي.

3.    دور الطبيعة في النشاط الاقتصادي : في هذا الإطار لم يلتفت الطبيعيون إلى الصناعات الاستخراجية لأنها في علاقة جدلية مع الطبيعة وتضيف منفعة جديدة.

إن التطورات التي عرفتها أوربا مع ظهور الثورة الصناعية في نهاية ق18 فقدت للفيزيوقراطيين الكثير من عناصر القوة في التحليل وأسقطت بالمناسبة غالبية تصوراتهم حول اعتبار الزراعة النشاط المنتج الوحيد القادر على تحقيق الرفاهية والتقدم للمجتمعات.
                             
                                               المدرسة الكلاسيكية أو التقليدية ( الاتجاه الليبرالي )
في غمار التطورات المتقدمة (نشأة الرأسمالية الصناعية) كان ظهور مدرسة التقليديين، أهم مدرسة في تاريخ الفكر الاقتصادي حتى ذلك الحين ،وكان طبيعيا إذا راعينا اصل نشأة الرأسمالية الصناعية بانجلترا أن تنشا تلك المدرسة بها فوضع ادم سميت الكثير من أسسها .وساهم الحصار الاقتصادي الذي فرضه نابليون على انجلترا إلى اتجاه الاقتصاديين الانجليز وفي مقدمتهم ادم سميت إلى المناداة إلى تصنيع البلاد كما اتخذت آراء الكثير منهم اتجاها معاديا لكل تدخل من جانب الدولة.
ظهرت المدرسة الكلاسيكية بانجلترا في ق18 واعتبرت الإطار الفكري للثورة الصناعية والمعبر للاتجاه الليبرالي آنذاك وقد كانت آراء بعض أفرادها تفاؤلية والبعض الآخر تشاؤمية خاصة فيما يتعلق بالمستقبل.
إن أفكار هذه المدرسة الأصيلة تهتم خاصة بالتصرفات الاقتصادية المرتبطة بمصلحة الفردية من مشاكل القيمة والأسعار والمرودية إلى غير ذلك ،وحسب رأي المدرسة الكلاسيكية وأعلامها فان المصلحة الفردية ترتبط بالمصلحة الجماعية وذلك عن طريق العمل السحري (اليد الخفية) حيث يتم الانسجام بين المصالح الفردية المختلفة وفي النهاية ننتقل إلى مصلحة جماعية عامة.
واشهر ممثلي هذه المدرسة ادم سميت
Adam Smith صاحب الكتاب الشهير "ثروة الأمم" سنة 1776م./ روبرت مالتوس  Robert Malthus / دافيد ريكاردو David Ricardo / ستيوارت ميل Stuart Mill.

آدم سميث
Adam Smith:  يعتبر أب الاقتصاد السياسي وتتلخص أفكاره في أربع نقط :

أ‌.    القوانين الأساسية :  ويعني بها قوانين الطبيعة والتي جعلت الناس يتعلقون بصفة عفوية بمصالحهم الخاصة لذلك فحماية هذه العفوية والحرية الشخصية ضرورية لأنها في مصلحة المجتمع.
ب‌.    العمل أساس القيمة : فالعمل البشري هو الذي يزيد في قيمة المنتوجات ويضع ادم سميث العمل كمقياس لقيمة المنتوجات فسعر المنتوجات هو مجموع الوقت العملي الذي قضي في إنتاجها كما أن تقسيم العمل يؤدي إلى ارتفاع المردود.
ت‌.    توزيع الدخل : بما أن الإنتاج يدخل فيه الأرض وراس المال والعمل لذا يمكن تقسيم المردود على الأجر والربح على الأرض.
ث‌.    معطيات التنمية الاقتصادية : يرى سميث إن أساس التنمية الاقتصادية هو تراكم رؤوس الأموال الناتجة عن فائض في الإنتاج على أساس أن يستعمل هذا التراكم باستثمارات جديدة وان سير تقدم الاقتصاد هو إدخال الفائض قصد استثماره.وفيما بعد يرى سميث أن التجارة الخارجية مصدرا مهما للتقدم الاقتصادي ومن هذا المنطلق فانه يطالب بتشجيع المبادلات التجارية.

روبرت مالتوس 
Robert Malthus:

بعد أن لوحظت ظاهرة تزايد السكان وتناقص المحصول الزراعي في نهاية القرن 18 واعتبر البعض أن السبب هو عدم صلاحية المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية نفى مالتوس هذا التحليل واعتبر سر فقر السكان يرجع إلى كون عدد السكان يرتفع بصورة تفوق بكثير زيادة المواد الزراعية على اعتبار أن تكاثر السكان يخضع إلى شكل متوالية هندسية في حين أن تزايد مواد المعيشة يخضع إلى شكل متوالية حسابية وفي المدى البعيد سيقع انعدام التوازن ولن يتم التوازن إلا بسبب الحروب أو المجاعات أو تحديد النسل.

   دافيد ريكاردو
David Ricardo :

وهو ممثل الاتجاه الكلاسيكي من الناحية النظرية وقد دعم نظرية ادم سميث المتعلقة بالقيمة المرتكزة على العمل وقد اشتهر بنظرية الريع ونظرية التجارة الخارجية .(والريع هو المكسب الذي يحصل عليه مالك الأرض، أما الربح فهو مكسب الصناعي الرأسمالي. وتتلخص الأسس العامة التي يبني عليها ريكاردو نظريته هاته (التجارة الخارجية) في :
v    سيادة المنافسة الكاملة في الأسواق داخليا وخارجيا.
v    التوظيف الكامل بكافة عناصر الإنتاج.
v    قدرة عناصر الإنتاج على التنقل بحرية.
v    تشابه الادواق لدى المستهلكين في أسواق مختلفة.
إن التبادل التجاري حسب ريكاردو يتم بين مختلف المكونات الاقتصادية لهذه الدول وان معالجة الخلل في الميزان التجاري يعطينا خللا اكبر في ميزان المدفوعات وفي هذا الصدد يعتقد ريكاردو أن المبادلات التجارية تخضع لقانون يجعل ميزان الدول التجاري متوازنا وإذا حدث أن اختل وضع هذا الميزان فمال نحو الفائض أو العكس فانه يعود من تلقاء نفسه وبصورة آنية إلى توازنه فلذلك لا داعي أن تخشى الدولة من آية خسارة تحل بميزانها التجاري.
نظرية الريع  : آن ريكاردو يعتبر أن الأرض لا يمكن لها أن تكون مصدرا للقيمة وان المداخيل التي نجنيها من استغلالنا للأرض تشكل ريعا يضرب التطور الاقتصادي ويجعلنا أمام معضلة حقيقية تؤثر على السير العادي للنشاط الاقتصادي.

   ستيوارت ميل
Stuart Mill :

قدم ولخص هذا المفكر كل أراء الكلاسيكيين فهو تارة يدافع عن الليبرالية وتارة أخرى يميل إلى ضرورة تدخل الدولة للقيام بإصلاحات اجتماعية  و يدعو إلى نظام التعاونيات ليحل محل نظام الأجرة وتحديد ملكية الأرض ويرى أن على الدولة أن لا تغالي في فرض الضرائب وتسيير الإدارات ووضع القوانين لان ذلك يضر بالأفراد ويرى أن على الدولة أن تأخذ بزمام المبادرة في التعليم وتشييد الطرق والموانئ والمستشفيات لان هذا التدخل يعود بالنفع الكبير على الأفراد وتدخلها في هذه القطاعات يحقق توازن بين مصالح الأفراد ومصالح الدولة.

                                                         الاتجاه الاشتراكي داخل المدرسة الكلاسيكية


صاحبت  الثورة الصناعية الليبرالية تعاسة كبيرة للطبقة العاملة وبؤس مدقع في أوساطها واستغلال كبير للأطفال والنساء الذين كانوا يعملون في المناجم والمعامل وساعد المستوى المنخفض للأجور أصحاب الأموال من تكديسها أو استثمارها الشيء الذي أدى إلى تقدم اقتصادي كبير على حساب تضحيات اجتماعية وقد عارض هذه الأوضاع كثير من الذين ينزعون إلى التيار الاشتراكي وقد قسموا إلى نوعين :
الاشتراكيون الطوباويون
les utopiques : الذين شيدوا مجتمعات مثالية على أسس تستجيب لرغبات وانفعالات فكرية ومعنوية إلى أكثر مما تستجيب للمنطق العلمي.
الاشتراكيون العلميون
les Scientistes    : الذين فسروا الأحداث الاقتصادية من خلال فلسفة مادية للتطورات التاريخية (ماركس وانجلز).