النموذج التنموي: الأسس النظرية الكبرى
يُعدّ موضوع النموذج التنموي من القضايا المحورية التي شغلت المفكرين وصنّاع القرار على مرّ العقود، باعتباره الإطار المرجعي الذي يوجّه السياسات العامة ويحدد المسارات الاقتصادية والاجتماعية للدول. في هذا السياق، يقدّم الدكتور محمد البكوري مؤلفه القيّم "النموذج التنموي: الأسس النظرية الكبرى"، الذي يسلط الضوء على الجوانب الفكرية والمنهجية التي يقوم عليها أي مشروع تنموي متكامل.
يتناول المؤلف الأسس النظرية التي تشكل قاعدة للنموذج التنموي، موضحًا كيف تتفاعل العوامل الاقتصادية مع الأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية، لتنتج رؤية شمولية قادرة على الاستجابة لتحديات العصر. ويعتمد الكتاب على تحليل معمّق لمجموعة من المدارس الفكرية في مجال التنمية، بدءًا من النظريات الكلاسيكية التي ركزت على النمو الاقتصادي كمحرك أساسي للتنمية، وصولاً إلى المقاربات الحديثة التي تعطي أهمية للبعد الإنساني والاستدامة البيئية.
كما يتوقف الدكتور البكوري عند أهمية تكييف النماذج التنموية مع الخصوصيات المحلية لكل دولة، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، دون الوقوع في فخ النقل الحرفي الذي قد يتجاهل الفوارق الثقافية والاجتماعية.
ويبرز الكتاب أيضًا دور الحوكمة الجيدة، والشفافية، وإشراك المواطنين في صياغة السياسات، باعتبارها عناصر أساسية لنجاح أي نموذج تنموي. فالتحولات الاقتصادية وحدها لا تكفي ما لم ترافقها إصلاحات مؤسساتية وتوزيع عادل للثروات، بما يضمن التنمية الشاملة والمستدامة.
خاتمة
يمثل هذا العمل مرجعًا مهمًا لكل الباحثين والمهتمين بقضايا التنمية، حيث يجمع بين الطرح النظري والتحليل النقدي، ويقدم رؤية متوازنة بين الطموحات التنموية ومتطلبات الواقع. سواء كنت طالبًا في العلوم السياسية أو الاقتصاد، أو باحثًا في مجال السياسات العمومية، ستجد في هذا المؤلف زادًا معرفيًا يعينك على فهم أعمق لأسس بناء نموذج تنموي فعّال