حقوق الإنسان والحريات العامة S4-M3 *ملخص عام وشامل

تتمة الدرس
حقوق الإنسان والحريات العامة S4-M3 *ملخص عام وشامل


حقوق الإنسان والحريات العامة S4-M3 *ملخص عام وشامل

حقوق الإنسان والحريات العامة S4-M3 

تعريف حقوق الانسان
هي مكونة من كلمتين الحقوق و الانسان ، سنقف عند المعنى اللغوي لكلمة حق ، ثم المفهوم الاصطلاحي قبل أن نعرج على المفهوم الاسلامي لحقوق الانسان .

المبحث الأول : المفهوم اللغوي للحق
المطلب الأول : الحق فى المعاجم العربية
يقال في اللغة حق إذا وجب و ثبت ، و يأتي بخمسة مفاهيم :
1 - نقيض الباطل 2 - اليقين 3 - حقوق العباد 4 - واجب شرعي و قانوني 5 - المباح سواء أخلاقي أو قانوني .

المطلب الثاني : الحق فى المعاجم الأجنبية
 تدل أحيانا على القانون right أو law و تعني في الاصل اللاتيني للكلمة السير بصورة مستقيمة وحسب قاعدة معينة ، فكلمة droit تعني مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الناس في المجتمع وتعني أحيانا حقوق الانسان .
المبحث الثاني : المفھوم الاصطلاحي لحقوق  الانسان
 نأتي بثلاثة تعاريف أساسية : تعريف تقني وتعريف علمي وتعريف عام
المطلب الأول : التعريف العلمي
 عرفه بروني كاسان الحائز على نوبل لحقوق الانسان 1968 بقوله : هو فرع خاص من فروع العلوم الاجتماعية موضوعه هو دراسة العلاقات القائمة بين الاشخاص وفق الكرامة الانسانية مع تحديد الحقوق والخيارات الضرورية لتفتح شخصية كل كائن انساني .
 نستنبط من هذا التعريف ثلاثة عناصر أساسية لمفهوم حقوق الانسان :
 1 - ضرورة إضفاء الطابع العلمي على كل تعريف لحقوق الانسان
2 - ضرورة اعتبار الكرامة الانسانية معيارا أساسيا في وجود هذا العلم
 3 - ضرورة تميز اي تعريف بالبحث عن الخيارات التي من شأنها ضمان هذه الكرامة الانسانية .
 المطلب الثاني : التعریف التقني
 ذهب بعض الباحثين وعلى رأسهم كاغل فاسال إلى إعطاء مقاربة إدخال 50.000 كلمة في الحاسوب واستخراج تعريف جامع مانع تقني لكلمة حقوق الانسان جاء كالتالي "حقوق الانسان علم يهم كل شخص و لاسيما الانسان العامل الذي يعيش في إطار دولة معينة والذي إذا ما كان متهما بخرق القانون أو ضحية حالة حرب يجب أن يستفيد من حماية القانون الوطني والدولي وأن تكون حقوقه خاصة الحق في المساواة مطابقة لضرورات المحافظة على النظام العام " يستشف من هذا التعريف ثلاثة نقط :
 1- ارتباط الحديث عن حقوق الانسان بوجود دولة وسلطة
 2- لا يتصور الحديث عن حقوق الانسان إلا إذا كان هناك خرق لحماية قانونية وطنية أو دولية
 3- ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عند الحديث عن حقوق الانسان متطلبات الحفاظ على النظام العام .
المطلب الثالث : التعريف العام
ارتبط هذا التعريف بالفرنسي ايف ماديو الذي عرفه بأنه " دراسة الحقوق الشخصية المعترف بها وطنيا
ودوليا والتي في ظل حضارة معينة تضمن من جهة الجمع بين تأكيد الكرامة الانسانية وحمايتها ومن جهة أخرى المحافظة على النظام العام  " نستنتج من هذا التعريف :
 1 -  وجود بعدين لحقوق الانسان بعد وطني وآخر دولي من المفروض أن لا يتعارضا استنادا إلى كونية وشمولية حقوق الانسان وعدم قابليتها للتجزئة
2- ضرورة الأخذ بعين الاعتبار حدود الحقوق والحريات الشخصية المتمثلة في المحافظة على النظام العام .
المطلب الرابع : تعاریف آخری
 أمام تعدد التعاريف كان لا بد من الخروج بتعريف خاص مبسط وشامل .
- أولا تعريف ليا ليفين : ويرى أن له تعريفان :
 1- أن الانسان لمجرد أنه إنسان له حقوق ثابتة وطبيعية وهذه هي الحقوق المعنوية النابعة من إنسانية كل كائن بشري تستهدف ضمان كرامته
 2- هي الحقوق القانونية التي أنشئت طبقا لعمليات سن القوانين في المجتمعات الوطنية والدولية .
- ثانيا : تعريفنا الخاص ، حقوق الانسان تنصرف للدلالة على كل ما يسهم في سمو الانسان سواء كانت ذا مصدر طبيعي أو ديني أو وضعي بشكل يحافظ على الكرامة الانسانية  و يدعم العيش المشترك الذي يستلزم في نفس الوقت مراعاة قواعد النظام العام .
 هذا التعريف يركز على ثلاثة عناصر أساسية :
 1- عنصر سمو الانسان وتعزيز المبادئ الانسانية كمنع الرق أو عبادة البشر وحرية التصرف والحق في العيش الكريم
 2- مصدر حقوق الانسان هو القانون سواء كان طبيعيا أو وضعيا ، وطنيا أو دوليا
3- موضوع حقوق الانسان مفتوح على جميع الاديولوجيات ما دامت تتوخى ضمان سيادة مظاهر الانسانية .
المبحث الثالث : المفهوم الاسلامي  لحقوق الانسان
تمیز مفهوم حقوق الانسان في الاسلام بترکیزه علی مفهوم الحق بشکل مستقل عن صاحبه .
المطلب الاول : مفهوم الحق فى القرآن الكريم
 1 - بمعنى الله سبحانه ، ذلك بأن الله هو الحق ، الانعام 63
2 - بمعنى العلم ، إن الظن لا يغني من الحق شينا ، النجم 28
3 - بمعنى نقيض الباطل ، ولا تلبسوا الحق بالباطل ، البقرة 41
4 - بمعنى كتب الله ، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ، المائدة 85
5 - بمعنى العدل ، قال ربك الحكم بالعدل ، الانبياء 111  
 6 - بمعنى الصدق ، والله لا يستحيى من الحق ، الاحزاب 53
7 - بمعنى النصيب أو الحصة ، في أموالهم حق للسائل والمحروم ، الذاريات 19  
8  - بمعنى الهداية والصواب ، فماذا بعد الحق إلا الضلال ، يونس 55
المطلب الثاني : مفهوم الحق فى السنة النبوية
1 - بمعنى حق المسلم على المسلم ، وهي رده السلام و عيادة المريض و اتباع الجنازة وإجابة الدعوة وتشميت العاطس
2 - بمعنى حق الولد على والده أن يعلمه السباحة والكتابة والرماية وأن لا يطعمه إلا حلالا
وبالتالي مفهوم حقوق الانسان في الاسلام يدخل في مجال الضروريات والواجبات ابتداء من محاسبة أولي الامر وحفظ النظام العام و مرورا بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير ثم انتهاء بواجبات الملبس والمأكل والمسكن والأمن . وهكذا نظر الاسلام إليها باعتبارها واجبات وضروريات وليست حقوقا فقط .
نخلص إلى ان مفهوم حقوق الانسان يتأرجح بين خطابين ، الخطاب الطبيعي ذو المصدر الغربي الذي يركز على ذاتية الانسان والخطاب الديني الذي يستند إلى التكريم الالاهي للإنسان وهو لا يتعارض في مضمونه مع المذهب الطبيعي الغربي .
 الفصل الثاني :   تعريف الحريات العامة والحريات الاساسية
 لفظ مركب من كلمتين حرية ثم عامة ، نتطرق اولا إلى مفهوم الحرية .
 المبحث الأول : المفهوم الغوي للحرية
 المطلب الأول : مفهوم الحرية في المعاجم العربية
المقصود من كلمة الحرية هو : الاباحة القانونية التي تعطي للإنسان فعل ما يريد أو ترك ما يريد شريطة عدم الاضرار بالغير .
 في المعاجم العربية لا يخرج مفهوم الحرية عن معنيين اثنين :
 1 - انعدام كل شكل من اشكال الاكراه البدني أو المعنوي المباشر أو الغير المباشر
 2 - السلطة التي يملكها شخص في مجتمع منظم للقيام أو عدم القيام بعمل ما .
 المطلب الثاني : الحرية في المعاجم الاجنبية
الحرية في المعجم الفرنسي تعني حالة الشخص الذي لا يوجد في وضعية تبعية تامة لشخص آخر أي أن الشخص ليس في حالة عبودية  .
المبحث الثاني : المفهوم الاصطلاحي للحرية
 يختلف المفهوم الاصطلاحي للحرية باختلاف المبادئ التي يقوم عليها كل من المبدأ الفردي والاشتراكي ، فكلمة حرية تظل معقدة التعريف وغير واضحة ممارسة وغير محددة أسلوبا وقد عرفها الرئيس الامريكي
لنكولن في أحد خطاباته : إن العالم لم يصل أبدا إلى تعريف كلمة حرية ، الأمر الذي يجعلنا نتناولها من الوجهة المذهبية المتعارف عليها عالميا .
المطلب الأول : الحرية من منظور المذهب الفردي
حسب جون ستيوارت ميل فإن الحرية هو عدم الاضرار بالغير ، فهو يقول : أنت حر ما لم تضر .
إلا أن هذا المعيار يبقى قاصرا لأنه لم يضع حدا فاصلا بين أثر تصرفات الشخص على نفسه وغيره وقد
ضربوا مثلا بشخص يشرب الخمر فهو يضر نفسه وربما يضر غيره لأنه يصبح طاقة معطلة وعالة على المجتمع .
المطلب الثاني : الحرية من منظور المذهب الاشتراكي
تتحقق فقط في المرحلة الشيوعية التي تختفي فيها ظاهرة السلطة فتتحقق الحرية .
المطلب الثالث : تعاريف أخرى
 تعريف لينزهي قدرة الانسان على فعل ما يراه ، والذي يملك الوسائل أكثر تكون له حرية أكثر فالأغنياء أكثر حرية من الفقراء وهو تعريف مادي وهو تعريف غير مقبول لأن الحرية إحساس وشعور و ممارسة
تعريف فولطيرعندما أقدر على ما أريد فتلك حريتي ، وهو تعريف غير مقبول لأنه قد يتجاوز قواعد الجماعة فيجب الأخذ بعين الاعتبار إرادة الآخرين .
المبحث الثالث : المفهوم الاصطلاحي للحريات العامة
كلمة عامة يتماشى مع القانون العام والمرفق العام والقطاع العام فهو يحيل إلى تدخل الدولة وأجهزتها لكن الفقه اختلف في ذلك :
1 - اتجاه أول قال ان وصف الحرية بالعامة يعني أن تترتب واجبات على الدولة القيام بها ، وقد تكون سلبية كعدم المساس بسلامة المواطن أو تكون إيجابية كخلق فرص العمل .
2 - اتجاه ثاني يشير الى تدخل السلطة اي انه لا توجد حرية خاصة فالأفراد ملزمون باحترام الاخرين والدولة ملزمة بتقنين ممارسة الحريات وضبط احترامها وهنا يحضر مفهوم عامة الدولة تتدخل للاعتراف بها وتنظيمم ممارستها عن طريق القانون الوضعي تجنبا للفوضى .
3 - الاتجاه الثالث يذهب إلى أن عامة تحلق بكلمة الحرية عندما تتقرر الحرية للجميع فتكون ممارستها لجميع الافراد فهي للجميع .
المطلب الأول : التعر يف الانطولوجي والتعريف السياٌسي
الفرع الأول : التعريف الانطولوجي
 يتوضح هذا التعريف من خلال علاقة الانسان بالعام ، فهو يعرف الحرية كسلطة ذاتية يتمتع بها الشخص لتقرير مصيره فالانسان بهذا المبدأ هو سيد نفسه فهو حر ، و نلاحظ هنا أن مفهوم الحق له مفهوم أوسع من مفهوم الحرية ، فالحرية هي سلطة لتقرير المصير يمارسها الانسان على نفسه كحرية التنقل والتجول والمظهر .. دون انتظار تدخل الغير بخلاف الحقوق التي لها وجهان فمرة تشمل سلطة تقرير المصير ومرة تعني السلطة التي يمارسها على الغير .
الفرع الثاني : التعريف السياسي
التعريف السياسي يتطرق للعلاقة القائمة بين الانسان والسلطة فهو يحاول تقديم الحرية كمجال للأنشطة التي تظل بعيدة عن الاكراهات المجتمعية فهو يشمل :
1 - تعريف الحرية كمجال للمشاركة وهي امكانية المحكوم في أن يصبح حاكما ، كما تضم حرية التصويت وحرية الترشح والانتخاب .
 2 - اعتبار الحرية بالمفهوم السياسي حرية مستقلة وهو مفهوم الليبرالي يقوم على استقلالية المحكومین
 كالحق في التنقل و الامن والتعبير .
 نستنتج أن الحريات العامة والحريات السياسية كل له مجاله الخاص ومع ذلك لا يتعارضان .
المطلب الثاني : التعريفٌ الفقهي والقضائي
الفرع الأول : تعاريف فقهية
 1- تعريف بغود : الحريات العامة عبارة عن واجبات أو التزامات قانونية اتجاه الدولة والتي توضع على شكل قواعد لها قيمة دستورية تشمل حقوق الافراد .
 2- تعريف لبرتون : الحريات العامة هي سلطات تقرير المصير تتوخى تأمين استقلال الشخص والمقررة في القواعد التشريعية وتستفيد من نظام قانوني ذو حماية قوية حتى في مواجهة السلطة. 3
- تعريف روش : الحريات العامة هي مجموع الحريات الاساسية السائدة في دولة عصرية ليبيرالية والتي ضرورية للحرية الحقيقية .
 هذا التعريف لا يميز بين الحرية العامة والحرية الاساسية
يتبين أن الحريات العامة هى حقوق أساسية بينما الحقوق الاساسية ليست بالضرورة حريات عامة .
 الفرع الثاني : التعريف القضائي
تعريف مجلس الدولة الفرنسي 1947 الذي عرفها كما يلي : الحريات العامة تشمل نوعان من الحريات ، من جهة الحرية الكلاسيكية المرتبطة بالمفهوم الفردي وهي حرية التجول و الامن ...
ثم الحقوق الكبرى وهي تتعلق بالتعامل مع الغير وليس فقط بشخص واحد كحرية التجمهر والتحزب وتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات وحرية الصحافة وحرية الرأي والعقيدة التعليم .
المبحث الرابع : الحرية في الاسلام
جعل الله الحرية أمرا فطريا تولد مع الإنسان . ففي القرآن الكريم لم ترد كما هي في العلوم السياسية المعاصرة لكن مضمونها ثابت فالجزاء مثلا مقترن بحرية الانسان في الاختيار ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، النجم .
 أما في السنة النبوية فنصارى نجران آمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أموالهم وعقيدتهم وأطفالهم ومتاعهم ولم يمسسهم بسوء بل كفل لهم كل الحقوق المدنية والحماية وحرية التعبد والاعتقاد .
المبحث الخامس : الحريات الاساسية
يعتبرها البعض هي الحقوق الدستورية ويعتبرها البعض حريات عامة .
 لكن الواقع أن الحريات الاساسية مفهوم خاص مرتبط بالجماعة وطبيعة العلاقة القائمة بين السلطة والحرية وبوظائف الفرد والدولة داخل الجماعة فالحريات الاساسية لها معاني بقواعد العيش المشترك :
 1 - الحريات الأساسية هي الواردة في الدستور أما الحريات الاخرى فهي حريات عامة
2 - الحريات الاساسية تمثل قيدا على الافراد و المؤسسات فلا يحق لأحد مصادرتها فهي مستلقة عن السلطة و الافراد فالتدخل لا يمكن أن يكون إلا من أجل توسيع وضمان ممارستها .
3 - الحريات الاساسية مرتبطة بتعزيز قواعد العيش المشترك وبالتعايش بين مكونات المجتمع افرادا وسلطة ومؤسسات وليس فقط بالثنائية سلطة حرية .
 4 - الحريات الاساسية لا تعني فقط التنصيص على الحقوق والحريات بل الاستمتاع بها وتوفير المستلزمات اللازمة لها كالإنارة و النظافة والطرق والمناطق الخضراء ..
5 - الحريات الاساسية تنقلنا من منطق الصراع بين السلطة والحرية إلى منطق التعايش بأدوات ناعمة مبنية على الحقوق والواجبات بين الطرفين مع ربط الحق بالواجب للفرد وربط الواجب قبل الحق بالنسبة للسلطة .
6- الحريات الاساسية ترتبط بترسيخ مجتمع الحقوق والحريات ودولة القانون والمؤسسات و المساواة بين افراد المجتمع قائمة على التنظيم والتوجيه لا على الامر والنهي والزجر .
المبحث السادس  : علاقة الحريات العامة بفروع القانون
القانون ينظم ممارسة الحريات العامة للأفراد ثم أنه يقيدها بغية السمو بالسلوك الانساني نحو التحضر والتمدن والتنظيم ، فالقانون سيف ذو حدين فهو يمكن ان يستعمل كأداة للقمع والطغيان ويمكن أن يكون ضامنا للحريات العامة في مجتمع راقي و حداثي تتحقق فيه الكرامة الانسانية والحياة الانسانية الكريمة .
المطلب الأول : علاقة حقوق الانسان بالحريات العامة
الحريات العامة شكل من أشكال حقوق الانسان التي ترتبط بحرية الانسان فهي فرع متفرع من مبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها عالميا ويتجلى الفرق بين الحريات العامة وحقوق الانسان فى نقطتين :
1- الصورة التقليدية :
فحقوق الانسان مستمدة من تصورات القانون الطبيعي الذي يعطي الانسان مجموعة من الحقوق كإنسان يحميها القانون الوضعي ويضمنها أما الحريات العامة فهي تلك الحقوق المعترف بها من طرف السلطة العامة بمعنى أن السلطة تصرفت في القانون الطبيعي ومررته ليصبح قانونا وضعيا بتصرف منها ، كما أن كلمة حقوق الانسان لها معنى طبيعي واسع بينما الحريات مقيدة دائما بالنصوص القانونية ونوع النظام السياسي القائم والظرف الاقتصادي والاجتماعي في كل دولة .
 وعليه فالحريات ولدت من رحم حقوق الانسان ، الذي يبقى أوسع مفهوما ودلالة من الحريات العامة التي تتطور دائما مع تطور المجتمع بينما تظل فلسفة حقوق الانسان هي الاصل ومادة أعمق والينبوع الذي تستقي منه الحريات العامة مفاهيمها المتجددة .
2 - الصورة الحديثة :
 تحاول هدم الفرق بين حقوق الانسان والحريات العامة انطلاقا من كون كلاهما يسعى للسمو الانساني وتحقيق الكرامة الانسانية فالغاية واحدة فقط أن حقوق الانسان تستدعي تنزيلا لها ، فحقوق الانسان مرتبطة بشخص الانسان بينما الحريات العامة تصل إلى تحديد طبيعة النظام السياسي السائد وعلاقته بالمشروعية وحماية الحريات العامة للأفراد والجماعات .
المطلب الثاني  : علاقة الحرياٌت العامة بفروع القانون
الحريات العامة ملتقى العديد من المعارف القانونية التي تدرس بكليات الحقوق ، فهي تضرب بجذورها في مواد القانون العام كما تعد مصبا لمواد القانون الخاص حيث كانت تدرس ضمن مواد القانون الدستوري والجنائي والمدني لكن ابتداء من الستينات اصبحت مادة مستقلة ذلك أن تدريس الحريات العامة ضمن مواد القانون العام أو الخاص أدى إلى إهمال الكثير من الحريات كحرية الصحافة والاجتماع ..
 كما أن التطور الدولي الحاصل جعل حماية الحقوق تخرج من إطارها الوطني وهكذا أصبحت مادة بحد ذاتها ثم تم الفصل بين مادة حقوق الانسان ومادة الحريات العامة اللتين أصبحتا ضمن مواد القانون العام ثم خرجتا إلى فضاءات أوسع شملت مراكز التكوين والمعاهد المتخصصة في حقوق الانسان ودخلت إلى مواد كليات الاداب والعلوم الانسانية لتشمل الكثير من المستويات التعليمية .
الفرع الأول : الحريات العامة ومواد القانون العام
1 - الحريات العامة و القانون الدستوري : الذي يعطي للحريات العامة إطارها القانوني من خلال ديباجة الدستور أو من المواد بداخله
2 -  الحريات العامة والقانون الاداري : لأن الادارة تمارس عملها في جو الافراد فيدخل عنصر الشرعية والطعن امام القضاء الاداري والعقوبة على الشطط في استعمال السلطة ...
3 - الحريات العامة وعلم السياسة : كنظرية العقد الاجتماعي و نناقش هنا الافكار السياسية مثلا أفكار روسو و هو بز و مونتسیکیو و هیغل و جون لولات .
الفرع الثاني : الحريات العامة ومواد القانون الخاص
1- الحريات العامة والقانون الجنائي : المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، الشك يفسر لصالح المتهم ، هذه بعض عناوين الحريات العامة التي تجد اصلها في الفكر القانوني الحديث وأصبحت من أركان المحاكمة العادلة ، فالقانون الجنائي والمسطرة الجنائية لهما علاقة بالحريات العامة كما هو الفعل بالنسبة لاختصاصات الشرطة القضائية أو الاعتقال التعسفي .
2 -  الحريات العامة والقانون المدنى : نتطرق هنا إلى حق الملكية وحمايتها
3 - الحريات العامة والقانون التجاري : نتحدث هنا عن حرية التجارة والصناعة
 4 -  الحريات العامة و القانون الاجتماعي : عندما يتعلق الامر بالحق في الشغل أو حق الاضراب أو الحرية النقابية .
 الفصل الثالث : تصنيف الحريات والحقوق
 المبحث الأول : تصنيف الحريات العامة
 يختلف تصنيف الحريات العامة حسب الزاوية المنظور منها : ثنائي ، ثلاثي ، تصور مجلس الدستور الفرنسي.
 المطلب الأول : التصنيف الثنائي
ويقوم على اساس التمييز بين نوعين من الحريات العامة ، ونشير هنا إلى أنه لا ينبغي التمتع بنوع دون آخر أو إلغاء الانواع الاخرى فالحريات العامة في مضمونها متكاملة وممارسة حرية تقتضي ضمان حریات اخری .
الفرع الأول : الحريات الفردية والحريات الجماعية
 من رواد هذا التقسيم ميديوت فالحريات الفردية هنا هي التى يمكن للفرد ممارستها بمفرده دون توقف على الغير كالحق في الحياة و الامن والتجوال و ابداء الرأي ، أما الحريات الجماعية فهي تلك التي لا يمكن ممارستها إلا بصفة جماعية كتأسيس الاحزاب والجمعيات وحق التجمع والصحافة والنقابة و الاضراب
سلبيات وإيجابيات هذا التقسيم :
 1- تصنيف بسيط يسهل عملية التصنيف من حيث طبيعة ممارستها فرديا أو جماعيا
 2- تصنيف غير موفق لأنه يجعل الحريات ذات الطبيعة المختلطة خارج التصنيف كحرية العقيدة
3- يوضح هذا التصنيف النزعة الفردية لواضعي اعلان حقوق الانسان الفرنسي لسنة 1979 حيث لم يتضمن سوى حرية جماعية واحدة هى حرية الصحافة
4- اعطاء الاولوية للحقوق الفردية التي يعتبرها اساس الحريات الجماعية وهذا مكون للديمقراطية للبرالية
الفرع الثاني : الحريات السلبية و الحريات الايجابية
ارتبط هذا التقسيم بـ ليون دوجي ، فتظهر الحريات السلبية كقيود على السلطة الحاكمة فتفرض عليها عدم التدخل خلال ممارستهم لحرياتهم أما الايجابية فهي الخدمات الايجابية التي على السلطة أو الدولة أن توفرها للأفراد ليمارسوا حرياتهم في أحسن وجه.
 نلاحظ على هذا التقسيم :
 1 - يميز بين الحريات الايجابية والسلبية على اعتبار أن المظهر السلبي يمثل فلسفة الضبط الاداري بينما المظهر الايجابي يمثله المرفق العام .
2 - هذا التقسيم يؤدي إلى ابتلاع الحريات السلبية للايجابية على اعتبار تراجع دور الدولة في الكثير من مناحي الحياة عندما تصبح على قدم المساواة مع الأفراد
المطلب الثاني : التصنيفٌ الثلاثي
تبناه بوردو ، ويقوم على التمييز بين الحريات الطبيعية أو المادية والفكرية
الفرع الأول : مضمون التصنيف الثلاثي
 الحريات الطبيعية أو المادية هي في مقابل الحريات الفكرية أو الروحية ويمكن أن تكون :
- الحق في التصرف في الجسد : الحق في منح الجسد ، الحق في الموت ، الحرية الجنسية
- الحق في السلامة الطبيعية : عدم الاضطهاد ، عدم العبودية ، عدم القتل ، المعاملة الانسانية
- الحق في الأمن
 - الحق في التجول والتنقل
- الحق في الحياة الخاصة كالمسكن و التراسل
الحريات الفكرية أو الروحية فتشمل  :
- حرية ابداء الرأي وحرية التعبير
- حرية الاعتقاد
- حرية التعليم
- حرية الصحافة
الفرع الثاني : تقدير نظام التصنيف الثلاثي
 ايجابياته :
1 - يميز بين الحريات الطبيعية المادية و الحريات الفكرية والحريات العلائقية
2 - يتماشى مع الابعاد الثلاثية للشخصية الانسانية
3 - غني في معانيه مقارنة مع التصنيف الثنائي
سلبياته :
1 - غير دقيق فالحق في حياة خاصة قد يشمل الجانب المادي والروحي
2 - غير قادر على تجميع جميع الحريات المتعارف عليها فهناك حريات ليست طبيعية ولا فكرية كالحريات النقابية مثلا والتجمع وحق الملكية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية
3 - التمييز بين الحقوق المادية والروحية يجد فلسفته في الفكر الكنسي بوجود البعد المادي والروحي والمجتمعي .
4 - يذكرنا بتقسيم اسميان الذي اعتمد المساواة المدنية والحرية الفردية ، فالمساواة المدنية يندرج فيها المساواة أمام القضاء والقانون وتولي الوظائف العمومية و امام الضرائب أما الحرية الفردية فقسمها إلى ذات مضمون مادي وتشمل حق الامن والتنقل والتملك والمسكن والعمل والتجارة ثم أخرى ذات مدلول معنوي وتشمل حرية العقيدة والاجتماع والصحافة والجمعيات والتعليم ، إذن نفس سلبيات اسميان يمكن اسقاطها على التقسيم الثلاثي فالتمييز بين المادي والعضوي ليست له أي نتائج قانونية أو عملية ثم أن بعض الحريات تمثل حرية مادية وفكرية في نفس الوقت كحق الامن ثم ان هذا التقسيم تجاهل بعض الحريات كالعمل والتأمين الصحي و الضمان الاجتماعي وحق الاضراب ..
المطلب الثالث : تصنيفٌ المجلس الدستوري الفرنسي
حيث ميز بين الحريات العامة الاساسية التي تحظى بكل الاهمية وتحظى بحماية خاصة من قبل المجلس الدستوري ثم الحريات العامة العادية . الحماية الخاصة للحريات العامة الاساسية لها 3 مبادئ :
1 - الامتناع عن إخضاع الحريات الاساسية لأي نظام ترخيصي مسبق مثال ذلك تأسيس الجمعيات فحرية تأسيس الجمعيات هي حرية عامة أساسية لا تحتاج أي ترخيص : قرار المجلس الدستوري الفرنسي 1971 2 - لا يمكن للمشرع التدخل إلا من أجل توسيع دائرة التمتع بالحريات العامة وليس التضييق عليها
3 - تطبق على مجموع التراب الوطني الفرنسي دون تمييز بين المناطق
 انطلاقا من هذا التحديد يصعب حصر الحريات العامة الاساسية لكن يمكن إدراج بعض منها كحرية تأسيس الجمعيات وحرية الصحافة والتجول و التعليم واللجوء .
بينما تعتبر حرية التملك مجرد حرية عادية وفق المجلس الدستوري على التدخل من أجل تقييد ممارستها 
بعض الملاحظات حول تصنيف المجلس الدستوري الفرنسي :
 1 - اضفاء صفة أساسية على بعض الحريات من شأنه تقييد ممارسة الحريات العادية
 2 - قد يفهم منه صراع بين الحريات الاساسية والعادية أي قد يتم التضحية بالثانية لصالح الاولى
المبحث الثاني : تصنیف حقوق الانسان
 تقسم الى 3 اقسام : حقوق مدنية وسياسية ، حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية ، حقوق مشتركة
 المطلب الأول : الحقوق الكلاسيكية
هي تلك الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعي والثقافية .
 النوع الأول : ويسمى بحقوق الجيل الأول أي الحقوق الطبيعية الواردة في الاعلانات القانونية والسياسية والتي نجد أهم صورها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهي المرحلة الاولى في تعريف حقوق الانسان حيث تقوم  بالأساس على الحقوق الفردية من أهم صورها الحق في الامن والمساواة
 النوع الثاني : ما يسمى بحقوق الجيل الثاني التي تستقي فلسفتها من أفكار الثورة الصناعية في ق 19 وأفكار الثورة السوفييتية 1917 حيث ساهم الاعلان السوفياتي لحقوق الشعب العامل المضطهد في بلورة حقوق جديدةة تجلت في العهد الدولي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
المطلب الثاني : الحقوق الجديدة
وهي حقوق الجيل الثالث وهي حقوق حديثة تعبر عن عالمية حقوق الانسان أهمها الحق في التنمية وبيئة سليمة والسلم و الامن الغذائي والكسب المشترك للثروات الانسانية وعدم ملكية القمر و الاجرام السماوية
وتؤكد في مجموعها على ضرورة التضامن البشري والتشارك من أجل عيش مشترك ومواجهة التحديات التي ربما تعترض الحياة الانسانية المشتركة خصوصا مع تطور الطب وتقنيات التواصل .
القسم الأول : نشأة وتطور الحقوق والحريات العامة
تاريخ حقوق الانسان والحريات العامة واحد ، وهو عبارة عن نضال بشري ضد الاستبداد والتسلط من أجل الحرية والكرامة الانسانية ، فالثقافة الحقوقية لها أصول فلسفية و سياسية واجتماعية وهي ليست وليدة حقبة معينة أو إيديولوجية واحدة بل هي نتاج تراكمات تاريخية متعاقبة أغنتها الديانات السماوية .
 الفصل الأول : دور الحضارات القديمة فى بلورة حقوق الانسان والحريات العامة
من الباحثين من يعترف للحضارات السابقة بالإسهام في بلورة ثقافة حقوق الانسان ومنهم من يجعلها قاصرة على المصدر الغربي متجاهلا دور الحضارات السابقة .
 المبحث الأول : حقوق الانسان فى الحضارة الاغريقية
 الانسان الحر عند الاغريق هو الشخص الذي له الحق في الكلام والتعبير والمساهمة في تسيير المدينة والحكم وخصوصا المشاركة في الأمور السياسية أي أنه يكتسب صفة المواطنة بينما المزارعون والعمال و الاجانب والنساء فكانوا كما يقول أفلاطون وأرسطو عبيدا بطبيعتهم فقد كانوا لا يطالبون بأي حرية وكانوا يعتبرون كالآلات مسخرين لخدمة الاسياد .
بالتالي لا يمكن اعتبار الفكر اليوناني مرجعية لحقوق الانسان .
المبحث الثاني : حقوق الانسان عند الرومان
استعمل الرومان كلمة حرية للتخلص من الطغاة لكن تطبيقه على الواقع ظل بعيدا من خلال ما يلي :
1 - عدم اعترافهم بالمساواة بين سكان الرومان الاصليين و الاجانب بل كانوا يستعبدونهم
2 - اباحتهم للرق
3 - التفرقة حتى بين الرومان الاشراف وعامة الشعب الروماني
 خلاصة القول أن الحرية لم تكن معروفة في الازمنة القديمة خصوصا أن الانظمة السياسية آنذاك كانت لا تعترف سوى بالحقوق بين المواطنين ولا حق للمواطن على السلطة وبقي الامر على ما هو عليه حتى جاءت الديانة المسيحية التي أقرت من الناحية العملية الكرامة الانسانية والمساواة .
 الفصل الثاني : حقوق وحريات الانسان فى الديانات السماوية
 ساهمت الديانات السماوية في بلورة ثقافة حقوق الانسان عكس الديانات القديمة .
المبحث الثالث : الديانتين اليهودية والمسيحية
 تميزت كل ديانة بنظرتها الخاصة و بأسلوب متفرد وبسياسة تفسيرية لمواضيع حقوق الانسان وحرياته
المطلب الأول :  الديانة اليهودية
جاءت رسالة نبي الله موسى عليه السلام لإخراج بني اسرائيل من ظلم فرعون وجاءت الوصايا العشر الالاهية التي كلم الله بها نبيه موسى والتي تضمنت عشر حقوق من حقوق الانسان كالحق في الحياة والملكية وغيره ويمكن اعتبار الوصايا الالاهية لنبي الله موسى عليه السلام بمثابة إعلان لحقوق الانسان لما تضمنته من مبادى انسانية وتوجيهات ربانية لبني الانسان ليتخلصوا من استعباد البشر وعبادة الله وحده .
المطلب الثاني : الديانة المسيحية
 سارت المسيحية على نفس النهج حيث اعتبرت عبادة البشر وثنية وشركا بالله ونادت بالحرية العقدية وأن الانسان خلق على شاكلة الله لأنهم انحدروا من انسان واحد وهو آدم عليه السلام .
1- التأكيد على الكرامة الانسانية اعتبارا أن الله هو من خلق الانسان وخصه بهذه الكرامة
2- رسمت حدود السلطة الدنيوية بمقتضيات تناسب طبيعة الانسان والمجتمع كما خلقه الله سبحانه
 3- اعتبار الفرد غاية التنظيم الاجتماعي و الزام الجماعة بالحفاظ على حقوقه وهكذا حرمت الديانة المسيحية الإكراه في الدين ونادت بحرية الفكر والعقيدة ، لكن رجال الكنيسة تورطوا من بعد في الاستبداد والتحكم في البلاد باسم السلطة الدينية و ساندوا الطغاة والملوك بل اوغلوا في الدماء والتعسف ومحاكم التفتيش و الارهاب . حتى ظهر مارتن لوثر في حركته الاصلاحية للكنيسة .
المبحث الثاني : حقوق الانسان فى الديانة الاسلامية
اعترف الاسلام بحرية الانسان وحارب الرق والعبودية وجعل مقابل ذلك أجرا وثوابا وجعل مبدأ الحرية وثيق الصلة بالعقيدة الاسلامية مصدقا لقوله سبحانه وتعالى : ولقد كرمنا بني آدم ، الاسراء 17 .
المطلب الأول : مبادئ حقوق الانسان فى الشريعة الاسلامية
 الفرع الأول : تكريم الانسان
لقد سخر الله الكون للانسان ، حيث قال سبحانه : إني جاعل في الأرض خليفة ، وقوله : وسخر لكم ما في السماوات و الارض جميعا منه ، سورة الجاثية .
 الفرع الثاني : نماذج من الحقوق والحريات في الاسلام
1 -   مبدأ الحرية : حرية الانسان في الاسلام مقدسة اعتبارا أنها صفة تولد مع الانسان مصدقا لقول عمر رضي الله عنه : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟
 2 - مبدأ المساواة : مصدقا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى .
 ثم اقر المساواة بين الرجل والمرأة في قوله صلى الله عليه وسلم : النساء شقائق الرجال .
 فمبدأ الاسلام هو المساواة في الحقوق والواجبات مع أحكام جزائية على حسب الخصوصية وذلك من قمة العدل.
 3- الحق في العدالة : يعتبر العدل أساس استمرار المجتمعات والأنظمة وقد وردت آيات كثيرة تأمر بالعدل منها قوله سبحانه وتعالی : ان  الله یامر بالعدل و الاحسان و ایتاء ذي القربی وینهی عن الفحشاء والمنكر والبغي .
4- حق المشاركة في الحياة العامة حيث نبذ الاسلام الحكم الفردي المستبد الذي كان يسود آنذاك في ملكيات هرقل والفرس واعتبر الحكم الفردي من الظلم ورسخ مبادئ المشاركة الجماعية في تسيير الشأن العام عن طريق آلية الشورى بين المسلمين مصداقا لقوله تعالى : وأمرهم شورى بينهم.
 5 -  الحق في الحياة : حيث كان متداولا آنذاك قتل الاسرى وإعدام العبيد ووأد البنات وجاء الاسلام وحرم قتل البنات و الاسرى  و الاقليات واعتبر من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا
6 -  حرية العقيدة : ومنه قوله تعالى : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، البقرة 256 باستثناء المرتد الذي يعدم لقوله تعالى : من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصلهه جهنم وسانت مصيرا ، حيث أنها كانت عادة المشركين لإدخال روح الفشل في المسلمين بالدخول في الاسلام ثم الخروج منه ، فكأنه اللعب بالدين ، يسلم ثم يكفر .
لكن الاسلام حافظ بالمقابل على حقوق الاقليات المسيحية واليهودية وعاشت هذه الاقليات في ظل الاسلام قرونا طويلة دون أن يمسها من المسلمين أي اضطهاد أو اكراه على الدخول في الاسلام .
المطلب الثاني : بعض حقوق الانسان في الاسلام
طالت حقوق الانسان في الاسلام كل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل فصل هذه الحقوق بشكل جزئي معطيا كل ذي حق حقه انطلاقا من الجار والمرأة والطفل والرضيع والكهل والمطلقة والعجزة والضعيف وعابر السبيل واليتيم والأسير إلى غير ذلك ، وساهم الاسلام في بناء منظومة حقوق الانسان بشكل كبير بل ربما بشكل يفوق بعض ما جاءت به بعض مواثيق حقوق الانسان منها:
1 - حق الانسان في الترفيه مصداقا لقوله تعالى : لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
2 - حق الانسان في عدم التجسس عليه ، مصداقا لقوله تعالى : ولا تجسسوا ولا يغتب بعضنا
3 - حقوق الابناء ، مصداقا لقوله تعالى : وبالوالدين إحسانا وقوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم ،
4 - حق اليتٌيمٌ ، مصداقا لقوله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا
5 - حق ذوي القربی والمساکین و ابن السبیل ، لقوله تعالی : وبالوالدین احسانا و بذوي القربی و الیتامی والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم
6- حق الانسان في العفو ، لقوله تعالى : وأن تعفوا أقرب للتقوى .
الفصل الثالث : الحقوق والحريات فى المذاهب المعاصرة
المبحث الاول : في المذهب الفردي
ساد هذا المذهب في أروبا الغربية كرد فعل اتجاه المظالم التي مارسها الثلاثي المتكون من الملك والكنيسة والطبقة الاقطاعية حيث ظلوا قرونا طويلة يمارسون الاستبداد والظلم والفساد حيث كان الحكم فرديا ومطلقا للملك وكان الاقطاع يسن القوانين ويتحكم في الاقتصاد و الارض بينما راحت الكنيسة تضفي على ذلك صبغة دينية لإقناع الناس أنها شريعة الاهية وهكذا كان القوانين تنقسم إلى قسمين قوانين يسنها الاقطاع وشريعة دينية تسنها الكنيسة ، فما هي إذن المصادر الفكرية للمذهب الفردي وما تأثيرها على إعلانات حقوق الانسان والمواثيق الدولية ؟
المطلب الأول : المصادر الفكرية للمذهب الفردي
 بهدف الخروج من الوضعية المتأزمة في أوروبا الغربية ظهر مفكرون وفلاسفة اهتموا بالبحث عن طرق للخروج من ظلمة الاستبداد والحكم الفردي والجهل المتفشي في الناس إلى نور الحرية والعلم وهكذا ظهر فكر الانوار والحرية وتم تبني نظرية العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم لتقييد الحاكم وإلزامه باحترام العقد الاجتماعي بينه وبين الشعب وراجت هذه الافكار في الشعوب الاروبية طيلة القرن 17 و 18 و 19 فقامت الديمقراطية التقليدية التي حظيت بتقدير الشعب واستحسانه للخروج من العبودية وإطلاق الحريات ، ومن ثم فالمذهب الفردي قام على تمجيد الفرد واعتباره محور النظام السياسي والدولة ليست إلا أداة لخدمة المواطن فتتكفل بضمان حقوقه وحرياته فالمذهب الفردي يركز على حل إشكالية الصراع بين السلطة والحرية و أوجد لها اليات للخروج من هذه الازمة ولعل الفضل الكبير يعود إلى نظرية العقد الاجتماعي التي نادى بها كل من جون لوك و جون جاك روسو والمدرسة الطبيعية في ق 17 و 18 ثم الديانة المسيحية التي تدعو إلى احترام الانسان وكرامته .
الفرع الأول : الفكر المسيحي
ساهمت باعتبار عبادة البشر شركا و وثنية مقيتة فنادت بالحرية و ازواجية السلطة
الفرع الثاني : مدرسة الطبيعيين
 مبادؤها من روافد المذهب الفردي حيث دارت مفاهيم هذه المدرسة حول الفرد واعتبرته حجر الزاوية في هذا الوجود .
الفرع الثالث : نظرية العقد الاجتماعي
 بعد العصور الوسطى التي ساد فيها الحكم الملكي المطلق حسب نظرية " الحق الالاهي للملوك " جاءت نظريات العقد الاجتماعي التي تعتبر من المصادر الحقيقية لفلسفة المذهب الفردي والتي أكدت على وجود
عقد بين الحاكم والمحكوم خاضع للإرادة الجماعية والعيش المشترك ومن رواد هذه المدرسة هوبز و لوك و روسو فاتفقوا على دولة خاضعة لعقد اجتماعي .
الفقرة 1 : توماس هوبز
 نادى بالعقد الاجتماعي وهو عبارة عن اتفاق بين الحاكم والمحكوم بمقتضاه يفوضه على السلطة والتعبير عن إرادته فالمحكوم يتخلى عن بعض حريته لصالح الحاكم مقابل أن يضمن هذا الأخير الأمن والمصالح الفردية للمحكومين وبمجرد توقيع العقد يصبح الكل مقيدا بما التزم به .
الفقرة 2 : جون لوك
 من واجب الحاكم احترام حقوق المحكوم وعدم المساس بها وفي حالة إخلال الحاكم بالالتزامات الملقاة على عاتقه أو جنوحه إلى الحكم المطلق يجوز للمحكومين مقاومته وطرده وعليه قرر جون لوك أن الحريات والحقوق هي الغاية من السلطة السياسية وهي تبعا لذلك تقد السلطة وتحدها
فالدولة حسب لوك تكونت للدفاع عن الحقوق الطبيعية للناس وليس بوسعها أن تنتهك تلك الحقوق .
الفقرة 3 : جون جاك روسو
 يعتبر كتابه العقد الاجتماعي سنة 1762 إنجيل الحرية وهو من أنفس الكتب التي نشرت في عهد كثر فيه الظلم والاستبداد وتقييد الفكر والتعبير فالحالة الطبيعية عنده هي الحرية والمساواة والاستقلال عن السلطة فالإنسان بطبعه يحب الحرية والمساواة وشيء واحد يعكر هذه الحياة هو الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات ويجب عليه التعاون مع بني جنسه للتغلب عليها ، هكذا يقرر روسو أن الأفراد بمقتضى العقد الاجتماعي يتنازلون عن بعض حقوقهم للجماعة ويحصلون بالمقابل على حقوق وحريات تقررها لهم الجماعة التي اقاموها بمحض إرادتهم واختيارهم يسميه العقد الاجتماعي الذي يعطي الكيان السياسي سلطة على أعضائه لتوجيه الارادة العامة .
ويبين روسو أن لا تعارض بين سيادة الدولة و حرية الافراد وأن الحرية الحقيقية هي سيادة القانون الذي هو إرادة الأمة وتصدره الاغلبية المطالبة بتطبيقه بعد التصويت عليه .
 تجلت بوضوح مبادئ روسو في إعلان حقوق الانسان الصادر عن الثورة الفرنسية وتأكدت بعد ذلك في إعلانات حقوق الانسان الانجليزية والأمريكية .
المطلب الثاني : تطبيقات تعاليم  المذهب الفردي في إعلانات الحقوق والوثائق الدستورية
قدمت الشعوب الأوربية تضحيات كبرى ضد الحكم المطلق حتى حصلت على الحرية والحقوق وتم إخراجها من حيز النظري إلى النطاق العملي تجسد في وثائق مكتوبة تسمى إعلانات حقوق الحقوق .
الفرع الأول : إعلانات الحقوق الانجليزية
تحتل الأعراف مكانة لا يستهان بها في التاريخ الدستوري الانجليزي ومع ذلك تخللته وثائق دستورية مكتوبة أعطت طابعا عمليا للحريات العامة أهمها :
1- العهد الأعظم أو العهد الأكبر صدر في 1215 بسبب استياء طبقة النبلاء من الضرائب المفروضة عليهم لتمويل الحروب التي كان يشنها الملك جون . وهي أهم وثيقة مكتوبة في تاريخ إنجلترا الدستوري فقد ضمت الكثير من الضمانات للحرية الشخصية وتحديد سلطة الملك ، وهي لم تأت نتيجة ضغوط شعبية بل استجابة لضغوط النبلاء ورجال الدين لذلك كان العهد الأكبر ينص على حقوق النبلاء أكثر مما يحض على حقوق البسطاء لكنه انتقل بنظام الحكم من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية .
 2  ملتمس الحقوق وصدر سنة 1628 عندما دخل البرلمان في صراع مع الملك الذي كان يعتقد بنظرية الحق الالاهي للملوك كأساس لسلطتهم فكان الملك يقوم بالتشريع ويفرض الضرائب دون احترام لوثيقة العهد الأكبر ، هذا الاستبداد من طرف الملك أدى إلى نشوب حرب أهلية انتهت بإعدام الملك شارل الأول
 .3 - قانون الحقوق ، صدر سنة 1688 وشكل قيدا من القيود المفروضة على الملك حيث قضى على الحكم الفردي المطلق وقد نص على منع الملك من ايقاف القوانين أو الاعفاء من تطبيق القوانين أو فرض الضرائب أو الاحتفاظ بالجيش زمن السلم .
4- الأمر القضائي الصادر سنة 1679 ضد القبض التعسفي دون سند قانوني واعتبر كضمان للمواطنين الانجليز وفي حالة المخالفة يتم معاقبة المسؤول عن القبض التعسفي والحكم عليه .
الفرع الثاني : إعلانات الحقوق الامريكية
تعتبر حرب الاستقلال الأمريكية أهم حرب تحررية سجلها التاريخ الحديث دفاعا عن حرية الانسان وحقوقه حيث اشتعلت ثورة مسلحة في سنة 1775 قادها جورج واشنطن انتهت بتحرر أمريكا من النفوذ الانجليزي وانتخب هذا الأخير كأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية ، بعدها أعلنت الولايات 13 إعلانات الحقوق تضمنت نصوصا تؤكد على حقوق الافراد السابقة على حقوق الدولة اقتبست مبادئها من قانون الحقوق الانجليزي ومن أفكار جون لوك و جاك روسو و مونتيسكيو مؤسس نظرية فصل السلط .
1 - إعلان ولاية فرجينا ، صدر سنة 1767 ويعتبر أول إعلان حقوق للإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية واقتدت به سائر الولايات الأمريكية وقد تضمن العديد من الحقوق أهمها المساواة بين المواطنين وحق الملكية والاعتراف بالشعب كمصدر للسلطة وفصل السلط  والامن والمحاكمة العادلة .
2 - إعلان الاستقلال الأمريكي ، صدر سنة 1776 حيث تنفصل بموجبه الولايات المتحدة عن بريطانيا وقد نص على جميع الحقوق الواردة في إعلان فرجينيا وما يميز هذا الاعلان ذكره لأول مرة عبارة حقوق الانسان فاستهل إعلان الاستقلال في ديباجته بعبارة جاك روسو : إن جميع الناس ولدوا متساوين ولهم حق غير متنازع عليه في الحرية " وهو تقريبا نفس الكلام الذي قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " ، وقد اعتبر الأمريكيون هذا الإعلان بمثابة وثيقة لحرية مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ولا سبيل للتخلي عن مبدأ الحرية مهما كلفهم ذلك من ثمن وقد استهل الاعلان بالفقرة التالية : إن الباري خلق الناس متساوين ومنحهم حقوقا لا تنتزع أبدا كالحق في الحياة والحرية والسعي من أجل السعادة وأن ضمان هذه الحقوق رهين بتكوين حكومات تستمد سلطتها العادلة من موافقة الشعب وإذا ما وقع سوء استعمال للسلطة أو اغتصابها من لدن حكومة تبين أنها ترمى إلى الاستبداد وإهدار الحقوق المشروعة للشعب فمن حق هذا الأخير بل من واجبه إسقاط هذه الحكومة وإقامة مكانها نظاما جديدا كفيلا بتأمين سعادته ومستقبله "
3 -  التعديلات على دستور الولايات المتحدة ، دستور 1776 اكتفى بتنظيم المؤسسات الفدرالية ولم يهتم بالحقوق والحريات لكن ابتداء من سنة 1789 سينكب على الاهتمام بضرورة حماية حقوق المواطنين مما سيدفع السلطات إلى إعداد تعديلات على الدستور ، وأهم ما جاءت به تعديلات 1789 هي الحرية الدينية أو حرية العقيدة وحرية التعبير والرأي والصحافة والتجمع والأمن الشخصي وحرية الملكية بلغت في مجموعها 26 تعديلا .
التصريح الأمريكي كان جد واقعي ولا يطمح إلى تجاوز حدود الولايات المتحدة عكس الاعلان الفرنسي وكان هدف رجال الثورة الامريكيون إقناع الانسانية بعدالة قضيتهم وإقناع الرأي العام الدولي بأسباب قيامهم بالثورة وكسب تعاطف المجتمع الدولي معهم وقد اقترب كثيرا من إعلان الحقوق الفرنسي من حيث التأثير دون أن يصل إلى مستواه التأثيري ودرجة سموه بالانسان  .
الفرع الثالثإعلانات الحقوق الفرنسيةٌ
تعد فرنسا مهد الثورة المحملة بمبادئ الفكر الحر المتحرر التي جرفت العالم وأرغمته على تبني تعاليم حقوق الانسان والحريات العامة والسيادة الشعبية . فقد عاشت فرنسا كباقي دول أوروبا تحت سلطة النظام الملكي الإقطاعي في جميع مظاهر الحياة السياسية ومؤسسات الحكم حيث كان الحكم مطلقا وكان الملوك يرون طاعتهم واجبة وأن كلمتهم هي القانون وأنهم هم الدولة وكان لهم كامل التصرف في المال العام والعفو ومصادرة الاراضي و الاملاك والسجن دون محاكمة حتى قال جونسون مقولته الشهيرة : " إن بلاط
الملوك قبر الشعوب " .
1 - مصادر التصریح الفرنسي :
 قاومت الثورة الفرنسية الانحرافات و الاستبدادات وقد قاد هذه الحركة الثورية العديد من الفلاسفة المتأثرين بحرب التحرير الامريكية خاصة بعد ترجمة الدساتير الامريكية إلى اللغة الفرنسية ، من بين هؤلاء المفكرين : مونتيسكيو صاحب كتاب روح القوانين الذي جمع فيه الكثير من أنظمة الحكم ودرس أنواعها وبين عيوبها ومحاسنها وإليه يرجع الفضل في مبدأ فصل السلط وهو صاحب المقولة الشهيرة : إذا تجمعت السلطات الثلاث في يد شخص واحد فإن كل شيء يضيع . يوجد أيضا فولطير : الذي تناول الملكية ونظام الحكم الملكي بالنقد والسخرية والتهكم ، أيضا نذكر فيلسوف الحرية روسو صاحب كتاب العقد الاجتماعي الملقب إنجيل الثورة وهو القائل : إن الحكومات ليست إلا ممثلة لإرادة الشعب وعليها أن تكون في خدمة الشعب ومنفذة إرادته فإذا أساءت استعمال سلطاتها وانحرفت عن واجباتها وجب عزلها وإحلال غيرها محلها .
 من بين الفلاسفة أيضا ديدرو : الذي جمع الأفكار الحديثة في موسوعته التي كان لانتشارها التأثير البالغ من شفاء الناس مما تعانيه من ظلم وغياب الحرية والمساواة .
وبالتالي فإن الثورة الفرنسية قد أعادت التوازن للخلل المتجسد في الوضعية المتخلفة حيث يسود الاقطاع والملك ورجال الدين والأشراف والنبلاء وتضيع حقوق المواطنين فنادى الثوار باحترام حقوق الانسان وصون كرامته واحترام حريته واعتبار الدولة حارسة فقط للدفاع الوطني و الامن الداخلي والقضاء ، واستطاع الشعب الفرنسي برمته أن يضع حدا للنظام الملكي وأقاموا الجمهورية الفرنسية سنة 1792 كما قضوا على المجتمع الطبقي وما كان يسوده من تفاوت وجاءت وثيقة حقوق الانسان مؤكدة على حقوق الانسان وأدميته وكرامته .
2 - إعلان حقوق الانسان
 صدر سنة 1789 ، وتجلت أهميته في عالميته لأنه يعلن حقوقا لا تهم المواطن فقط بل باعتباره إنسانا يرفض كل أشكال التمييز ويلاحظ أن استعمال مصطلح إعلان الحقوق كان الغرض منه صفة الاعلانية لا الانشائية وان دوره كان مجرد الاعتراف بحقوق الانسان الملازمة للفرد والسابقة على وجود الدولة والسلطة فمجهودهم انحصر على سرد الحقوق والتذكير بها بعد أن كانت مجهولة وتم التصويت على الاعلان من قبل الجمعية الوطنية في ظروف سريعة فجاء على شاكلة ديباجة و 17 مادة كلها تؤكد على الحقوق الطبيعية التي يتمتع بها الافراد ومن ضمن هذه الحقوق : المساواة ، عدم الاعتقال التعسفي ، الحرية ، البراءة إلى أن تثبت الادانة ، حرية الرأي و التعبير ، الشعب مصدر السلطة ، حق الانتخاب ، حق المشاركة السياسية ، حق تقلد الوظائف العمومية ، حق مراقبة صرف الضرائب ، وأكد الفصل 16 أن كل مجتمع لا يحمي هذه الحقوق يعتبر غير دستوري . هكذا اهتم الاعلان الفرنسي بالحقوق الفردية دون الحقوق الجماعية والاقتصادية والاجتماعية جاعلا من عدم تدخل الدولة الهدف الرئيسي لحماية حقوق الافراد مصورا بالتالي معالم مجتمع ليبرالي فرداني تنافسي ملائم للمجتمع الرأسمالي غير أن الاعلانات اللاحقة ستعمل على سد الثغرات بالنص الصريح على الحريات الجماعية والاهتمام بالحقوق الاقتصادية .
المطلب الثالث : أزمة المذهب الفردي
 تعرض المذهب الفردي لهجمات لأنه سقط في فخ الربح و استغلال العمال فاتسعت الهوة بين الطبقة المالكة والطبقة العاملة فنادى العمال بتدخل الدولة من أجل حماية حقوق العمال من الاستغلال البورجوازي وتحقيق نوع من المساواة الفعلية مما هيأ المجال لظهور أفكار اشتراكية مطالبة بالعدالة الاجتماعية .
 المبحث الثاني: المذهب الاشتراکي
 تبين أن الحريات في النظام الليبرالي زائفة وخادعة عند تطبيقها حرفيا ، فالحرية المطلقة في الاقتصاد أدت إلى فوارق اجتماعية هائلة مما جعل الحرية السياسية حبرا على ورق وتأكد عدم المساواة بين المواطنين فسلبية الدولة في النظام الليبرالي الحر نتج عنها أزمات اقتصادية وظهور احتكارات وطبقات اجتماعية فكان لا بد من ظهور أفكار اشتراكية ، كانت على مرحلتين المرحلة الاولى هي الاشتراكية المثالية أو الطوباوية وامتدت حتى القرن 19 حيث كانت قائمة على مخاطبة الناس بالأحاسيس والضمائر قصد تحقيق مجتمع مثالي خال من الظلم والطبقية لكنها لم تبين الوسائل من أجل بلوغ هذا الهدف فقد كانت عاطفية أكثر منها عملية ، وقد نادى بهذه الفكرة العديد من الفلاسفة على سبيل المثال ، كونفوشيوس الذي ظهر في الصين و الذي نظر للفرد على أساس قيمته وليس على أساس الميلاد واعترف له بإمكانية الانتقال من طبقة اجتماعية لأخرى ، ثم أفلاطون الذي دعى في كتابه الجمهورية إلى الشيوعية بإقامة المدينة الفاضلة على أساس مبادئ الاشتراكية فألغى الملكية و الاسرة لأن الملكية تعتبر أداة خلاف بين الناس ، ثم طوماس مور في كتابه يوتوبيا حيث اقترح نظاما يماثل جمهورية أفلاطون المثالية واستبدال الملكية الفردية بالملكية الجماعية اعتبارا أن العدل لا يمكن تحقيقه في ظل الملكية الفردية . المرحلة الثانية هي الاشتراكية العلمية أو الماركسية .
بدأت منتصف القرن 19 مع صدور البيان الاشتراكي لكارل ماركس الذي أضحى إنجيل الحركة العمالية الماركسية .
الفرع الأول : الظروف التاريخية
انتقلت أفكار فولطير وروسو إلى روسيا سريعا ورافقتها اصلاحات قام بها الملك - القيصر – لتغطية الحكم المطلق ، لكن انكشفت عورة هذه الاصلاحات الهشة مع الخسارة الكبيرة في الحرب العالمية الاولى مما ساهم في الثورة البولشفية بزعامة فلاديمير لينين المنادية بالحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية والاعتراف بحقوق العمال فتطور التمرد إلى ثورة حقيقية أدت إلى سقوط القيصر .
 الفرع الثاني: الثورة الروسية
بصدور بيان حقوق الشعب العامل المستغل سنة 1917 وقع الاعلان عن أول حكومة حرة في روسيا بزعامة ليفوف التي قامت بمجموعة من الاصلاحات كالمساواة أمام القانون وإصدار بيان سمي حقوق الشعب العامل المستغل سنة 1918 حيث جاء بمفهوم جديد للحريات حيث تتدخل الدولة في النشاط الفردي كوسيلة ناجحة للحد من الفوارق الاجتماعية . في هذا المضمار قال لينين : لا يمكن أن تكون حرية في مجتمع قائم على سلطة المال حيث الطبقة الكادحة في فقر و فئة طفيلية من الاغنياء .
المطلب الثاني : المفهوم الاشتراكي للحقوق و الحريات
 لا يعترف واضعو البيان الشيوعي بالحقوق في ظل المجتمع البورجوازي ، فقط انتصار البروليتاريا من سيحقق الكرامة الانسانية .
الفرع الأول : التمييز بين الحريات الشكلية والحريات الواقعية
ميز ماركس بين الحريات الشكلية فأصبحت تدعى الحريات الكلاسيكية وحلت محلها الحريات الواقعية وهي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي لا يمكن أن توفرها سوى الدولة ، فـ ماركس يرى أن رجال المال في الحرية الشكلية يتحكمون في المال وبالتالي يتحكمون في الصحافة و الاعلام والحكومات إذن هذه الحرية صورية وشكلية ومزيفة .
الفرع الثاني : انتقاد اعلانات القرن 18 و 19
يرى ماركس أن اعلانات القرنين 18 و 19 ما هي إلا أدوات فى يد البورجوازية استعملتها للقضاء على
الاقطاعية ثم استعملتها بعد الثورات للقضاء على حقوق العمال وبالتالي هذه الاعلانات ما هي إلا نفاق
سياسي ، ويطرح أسئلة من قبيل " ما فائدة حرية السكن لشخص لا يملك سكنا ؟ ما قيمة حرية الصحافة إذا كانت الصحف بيد رؤوس الاموال ؟ ما قيمة الامن لشخص يموت جوعا ؟
وهكذا رفض ماركس مفهوم الحريات في العالم الغربي وطرح بديلا تمثل في حريات في ظل مجتمع اشتراكي تنعدم فيه الطبقات وتشرف فيه الدولة على حقوق الانسان ، وقال بـ " أولوية الجماعة على الفرد ثم التضحية بحقوق الفرد من اجل حقوق الجماعة ، الدولة هي تدخلية ترتكز على الهيمنة السياسية عن طريق الحزب الواحد ثم الهيمنة الاقتصادية الممارسة من خلال المخططات الاقتصادية ، وهكذا ظهرت حقوق جديدة لم تكن في إعلانات الحقوق الفرنسية والانجليزية و الامريكية من قبيل الحق في العمل والحق في الراحة والحق في التامين والحق في التعليم ، والحقوق والواجبات في المذهب الاشتراكي وجهان لعملة واحدة فمن يطالب بالحق في الطعام والكساء عليه واجبات العمل ومن يطالب بالحرية عليه أن يحترم
حقوق الاخرين .
المطلب الثالث : أزمة المذهب الاشتراكي
 تركت النظرية الماركسية أثرا بالغا في تاريخ الانسانية ولعبت دورا كبيرا في تطور الفكر والسياسة في العصر الحديث ، واستطاعت الثورة الاشتراكية في روسيا أن تطيح بالحكم الفردي المتمثل في القيصر وتؤسس دولة اشتراكية قوية و اصبحت قوة عظمى عالميا قبل أن تعصف بها رياح التغيير في 1989 أدت إلى إعادة النظر في الكثير من مبادئ الاشتراكية وتجلت أزمة المذهب الاشتراكي في حماية حقوق وحريات الفرد وثانيا من خلال ظهور مذهب التدخل الجزئي .
 الفرع الأول : على مستوى حماية حقوق وحريات الافراد
 حققت الاشتراكية بعض العدل في العمل وتوزيع الثروات لكن الفرد المسكين حوصر من كل جانب فالسلطة والمال و الاعلام والثورة والثقافة تركزت كلها بيد الدولة وهذه الدولة يسيرها بشر فالسلطة إذن لم تتلاشى ولم تتكون المدينة الفاضلة وسيطر الحزب الواحد ولم يفسح المجال للرأي الأخر وصودر الحق في العمل السياسي الحر والمشاركة في الحكم والتداول على السلطة وساد الحرمان في حين كان الانسان الاوروبي ينعم بكامل حقوق الانسان وبالمشاركة السياسية الحرة وتطورت مسيرة الانتاج والرخاء .
الفرع الثاني : ظهور مذهب التدخل الجزئي
 مع ضغط المبادئ الاشتراكية اضطرت النظم الليبرالية إلى القبول بمبدأ تدخل الدولة جزئيا بدل الدولة الحارسة وبدأت الدولة تضمن حقوق الافراد كالتعليم والتطبيب والكفالة الاجتماعية فاقتبست النظم الغربية من الاشتراكية بعض الافكار من قبيل تدخل الدولة لتنظيم الحقل الاقتصادي والاجتماعي و تغليب المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية و احترام الملكية الفردية ثم تطور الأمر حتى تدخلت الدولة في تحديد الاجور وساعات العمل وتأمين العمال فتم إقرار في فرنسا مثلا الحق بالعمل لكل فرد ومنع الاساءة للعمال وتعويض العمال في حالات الحوادث أو البطالة وتم استصدار قانون الضمان الاجتماعي ، هكذا نلاحظ أن الحقوق جاءت نتيجة تراكمات فلسفية وفكرية أسهمت فيها جل الحضارات فاستفاد اللاحق من السابق مؤكدة أن الزبد يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس يمكث في الارض .

القسم الثاني : النظم الدوليةٌ لحمايةٌ حقوق وحرياٌت الانسان
مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الخسائر الجمة التي تكبدها العالم ، أدرك الجميع ضرورة هينة دلية يكون من مهامها حماية حقق الانسان السعي وراء عالم يسوده السلم السياسي والاجتماعي دن اعتبار للحدود الجغرافية ومتجاوزا للسيادة الوطنية .
المبحث الأول : ميثاق الامم المتحدة
حلت منظمة الأمم المتحدة محل عصبة الأمم سنة 1945 وكان أهم دور لها هو ترسيخ عالمية حقوق الانسان فكانت منبرا دوليا تتظافر فيه الجهود لتجنيب الأجيال المقبلة ويلات الحروب وفرض تدخل المجتمع الدولي من أجل حماية حقوق الانسان في حالة انتهاكها حفاظا على السلم الدولي .
 المطلب الأول : ميثاق الأمم المتحدة  المضمون والطبيعة القانونية
 الفرع الأول : مضمون حقوق الانسان في ميثاق الأمم المتحدة
حسب ديباجة الميثاق هناك تلازم بين الديمقراطية والسلم ، فأهم هدف هو ترسيخ الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة باعتبارهما ركيزتين للنظام الدولي . جاء في الديباجة : " إن شعوب الأمم المتحدة تؤكد إيمانها بالحقوق الاساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية " ويستطرد الميثاق جاعلا من مقاصد المنظمة الدولية : "تحقيق التعاون الدولي وحل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية و الانسانية وعلى تعزيز حقوق الانسان والحريات الاساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين .
 أما في المجال السياسي : " إن الحكومات الديكتاتورية التي تنكر حقوق الانسان تسبب الحرب في حين أن النظم الديمقراطية محبة للسلام " لذلك نصت على حق الشعوب في تقرير المصير وربطت بين حقوق الانسان وبين التقدم الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الفردي والجماعي .
الفرع الثاني : القيمة القانونية لميثاق الأمم المتحدة
وضع الميثاق توصيات للنهوض بحقوق الانسان لكنه لم يحدد مفهوم هذه الحقوق رغم اتفاق المجتمعين في سان فرانسيسكو سنة 1945 على هذه الحقوق لكن طرح التفاصيل من شأنه أن يثير الخلافات في وجهات النظر مما سيسبب في افشال الجهود الهادفة إلى إخراج المنظمة إلى الوجود .
مما دفع الفقه إلى مناقشة القوة القانونية لهذه المقتضيات ، فالميثاق لم ينص على الوسائل و الاليات لحماية الحقوق بل اكتفى بالإشارة إلى وظيفة الجمعية العامة ودورها المتمثل في الاعداد والمصادقة على الاعلان العالمي لحقوق الانسان وعلى العهدين الدوليين المكملين له بالإضافة إلى البروتوكول الاختياري .
المطلب الثاني : المشروعية الدولية فى مجال حقوق الانسان
نقصد بالمشروعية الدولية في مجال حقوق الانسان المواثيق الدولية المتعارف عليها عالميا وهما الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليان المتعلقان بحقوق الانسان .
الفرع الأول : الاعلان العالمي لحقوق الانسان
وصف هذا الاعلان بالعالمي مقصود الهدف منه توسيع دائرة العالمية حتى تتسم الحقوق بالشمولية فحقوق الانسان من طينة واحدة ولا فرق بين جنس وجنس أو اسود وابيض بل هي حقوق للانسان كل الانسان.
الفقرة الأولى : ماهية الاعلان العالمي لحقوق الانسان
يتكون الاعلان من ديباجة تؤكد الكرامة البشرية والحقوق المتساوية أساس الحرية والعدل والسلم في العالم يتكون من ثلاثين مادة يمكن تقسيمها إلى 4 اقسام :
مجموعة أولى : تتعلق بالحقوق الفردية كالحق في الحياة والحرية ومنع الرق والتعذيب والمساواة
مجموعة الثانية : تهتم بالحقوق الفردية الخاضعة للدولة كالحق في الجنسية والحق في اللجوء السياسي
مجموعة ثالثة : تتطرق للحقوق السياسية كاعتراف بالشعب كمصدر للسلطة وحرية التعبير وحرية العقيدة وحرية تأسيس الجمعيات
المجموعة الرابعة : تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالحق في الشغل والضمان الاجتماعي والحق في  التعليم والانتماء للنقابات .
الفقرة الثانية : مميزات الاعلان العالمي لحقوق الانسان
 ساد التناقض بعض بنود الاعلان وذلك للاتفاق الحبي بين المعسكرين الشرقي والغربي فالمادة 17 مثلا تقول : لكل فرد الحق في التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره " فموقف الليبرالية هو التملك الفردي أما موقف الاشتراكية فهو التملك الجماعي .
 كما أن الدول لم يعد بمقدورها الانفراد بتنظيم حقوق الانسان بعيدا عن المنظمات العالمية ، أيضا الميثاق ضمن عدم السقوط في الحرية المطلقة والفوضى بل إن الدول مسؤولة عن رعاية الحقوق وممارسة الحريات وطرق التعبير عن الرأي .
 الفقرة الثالثة : القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الانسان
 نطرح هنا سؤالا ، هل يتضمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان أي التزام قانوني ؟ يجيب الفقيه الفرنسي ريني كسيه أن الامر يتعلق فقط بتوجيه سياسي وتشريعي للدول في مجال حقوق الانسان ولا يتعلق الأمر باي قوة الزامية قانونية ، لكن الالتزام بالميثاق شرط من شروط الانضمام للمنظمة الدولية واكتسابها العضوية في المنتظم الدولي ، ومن ثمة نستخلص أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان من الناحية الحقوقية النظرية لا مفعول له لكن تأثيره على القرارات الدولية أصبح واضحا كما أن أغلب دساتير العالم تبنته .
الفرع الثاني : العهدان الدوليان المتعلقان بحقوق الانسان
ظل الاعلان العالمي لحقوق الانسان ما بين 1948 و 1966 مجرد نص ذو قيمة فلسفية أخلاقية أكثر منه ذا قوة قانونية و لتحقيق نوع من الالزامية كان لا بد من اتفاقية تتقيد بها الدول في مجال تطبيق حقوق الانسان ، لهذا تم وضع العهدان الدوليان لحقوق الانسان ، هما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
الفقرة الاولى : طبيعة العهدان الدوليان لحقوق الانسان
يشكل العهدان وسيلة لتقوية الطبيعة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الانسان باعتبارهما امتدادا له لكن العمل بهما لم يبدأ سوى سنة 1976 بعدما توفر النصاب للعمل بهما ويرجع السبب إلى إصرار دول العالم الثالث على إضافة حق تقرير المصير الى الحقوق باعتبار أن الشعب المحروم من تقرير مصيره لا يمكن أن يتٌمتع بالحقوق والحريات وهذا ما عارضته الدول الاستعمارية باعتباره حقا جماعيا وليس حقا من حقوق الانسان ، فإذا كان الاعلان العالمي ينص على الحقوق الفردية للإنسان وليس حقوق الدولة فان العهدان ينصان على الحقوق الجماعية وحقوق الشعوب .
الفقرة الثانية : مضمون العهدان الدوليان
أولا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، يتكون من 31 مادة تقر فيها الدول الموقعة بتوفير ظروف معيشية أفضل لشعوبها من ذلك حق العمل وحق النقابة والضمان الاجتماعي والصحة والتربية والتعليم وحقوق الطفل وضرورة تقديم الدول تقارير إلزامية عن الاجراءات التي اتخذتها في هذا المجال وتوضيح الصعوبات التي وجدتها .
ثانيا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، ويتكون من 53 مادة ، وأهم مادة هي التي لم تذكر في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص على احترام حق الشعوب في تقرير المصير وهو ما يعكس انتصارات حركات التحرر الوطني كما نص العهد على عالمية احترام حقوق الانسان ، ثم منع الحبس التعسفي أو الاعتقال الغير القانوني ومنع التعذيب والمحافظة على الكرامة الانسانية أو التدخل في خصوصيات الافراد أو الاطلاع على مراسلاته أو تلويث سمعته ، ويتميز هذا العهد بقوة قانونية ملزمة
بحيث تتعرض الدول المخالفة لأحكامه إلى مسائلة دولية .
المبحث الثاني : اليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الانسان
 أناط الميثاق بمنظمة الأمم المتحدة مهمة حماية حقوق الانسان من خلال مجموعة من الهيئات تدور كلها في فلك أجهزة الأمم المتحدة بعضها له صلاحيات اتخاذ توصيات والبعض الأخر له اختصاصات التحقيق والحماية المباشرة .
المطلب الأول : الأجهزة الرئيسية
الجمعية العامة و المجلس الاقتصادي والاجتماعي يعتبران هيئات شبه تقريرية لها اختصاصات حماية حقوق الانسان .
الفرع الأول : الجمعية العامة
 أنيطت بها مهمة إنجاز الدراسات وإصدار التوصيات بهدف تنمية التعاون الدولى في الميادين الحقوقية والاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية حيث تتخذ الجمعية العامة قراراتها على شكل توصيات وإعلانات لا تتمتع بأي قوة قانونية إلزامية ،وقد اعتمدت كوسيلة لذلك مجموعة من المواثيق الدولية والعهود والاتفاقيات التي تهم الطفل والمرأة والتمييز العنصري والتعذيب واللاجئين وغيره .
 الفرع الثاني : المجلس الاقتصادي والاجتماعي
 يسهر على تقديم توصيات للتوصل إلى احترام فعلي لحقوق الانسان ، وإعداد مشاريع قوانين ومواثيق للجمعية العامة ، المطالبة بعقد الندوات والمؤتمرات لدراسة القضايا المتعلقة بحقوق الانسان .
الفرع الثالث : مجلس حقوق الانسان
 وقد حل محل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ويعد أعلى سلطة في نظام الأمم المتحدة حيث يعتبر تابعا مباشرة للجمعية العامة وليس للمجلس الاجتماعي والاقتصادي وبذلك فهو جهاز فرعي تابع للجمعية العامة للأمم المتحدة . وأهم اختصاصاته :
 1- نشر الاحترام العالمي بحقوق الانسان 2- مراقبة انتهاكات حقوق الانسان 3- العمل على نشر ثقافة حقوق الانسان .
المطلب الثاني : الهيئات الفرعيةٌ التابعة لهيئة الأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان
الفرع الأول : المفوضية السامية لحقوق الانسان
تأسست سنة 1993 وتضطلع بمهام واسعة جوهرها توجيه ومراقبة كل الانشطة الأممية في مجال حقوق الانسان .
الفرع الثاني : الأجهزة الخاصة
وتشمل بعض اللجان الدولية المختصة بقضايا معينة وبمهام محددة
1- منظمة العمل الدولية : تهتم بالحرية النقابية وتحسين شروط العمل والأجور وحماية العمال
2 - منظمة اليونيسكو : هدفها المحافظة على السلم والأمن بصفة عامة عن طريق التربية والتعليم والثقافة .
3 - منظمة العفو الدولية : للدفاع عن المسجونين وضمان محاكمة عادلة واحترام حق اللجوء السياسي
ورفض عقوبة الاعدام وأشكال التعذيب وحرية الرأي .
توجد العديد من اللجان التابعة للأمم المتحدة والتي ولدت مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان
أهم الاتفاقيات :
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
- الاتفاقية ضد التعذيب
نخلص من النظم الدولية لحقوق الانسان إلى وجود ما أصبح يسمى بالقانون الدولي لحقوق الانسان الذي يتميز بمضمون خاص وبقيمة قانونية انبثقت عنه مبادئ دولية متفق عليها في مجال حقوق الانسان يتم تجاهلها أحيانا خصوصا أن الأمم المتحدة تظل عاجزة على فرض مبادئ ميثاقها في بعض حالات الحرب كما وقع في العراق وفلسطين أو ما يتعلق بالحقوق والحريات والاعتداء بشكل علني كما يحدث في غوانتانامو حيث أن بعض الدول تسخر المنظمة لخدمة مصالحها بدل أن تكون في خدمة السلم والأمن .

القسم الثالث : حقوق الانسان والحرياٌت العامة في المغرب ، المصادر والنماذج
تتأرجح المصادر الحقوقية في المغرب بين ما هو قانوني وما هو ايديولوجي كالمرجعية الاسلامية والغربية وهي تطرح الكثير من الصدام بين ما هو اسلامي وما هو غربي .
المبحث الأول : المصادر القانونية
ترجع إلى بداية القرن 20 وتشكل مدونة الحريات العامة أهم ما ميز المصادر القانونية .
 المطلب الأول : المصادر القانونية السابقة على تبنى مدونة الحريات العامة
 الفرع الأول : مشروع دستور 1908
تضمن مجموعة من الحقوق حيث ميز بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية
 الفقرة الأولى : الحقوق المدنية والسياسية
مثل عدم الضرب بالعصي والجلد والتعذيب والتشهير وإنشاء مجالس منتخبة ومجلس لتمثيل الأمة .
 الفقرة الثانية : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
مثل حق التعليم كإلزامية التعليم الابتدائي و حق الملكية و اصدار الصحف وتنظيم التجمعات السياسية والنقابية حيث ساوى بين المغاربة والاجانب .
 الفرع الثاني : مصادر أخرى
 ونقصد به كلا من القانون المتعلق بالحرية النقابية الصادر في 1957 و مرسوم 1958 بشأن ممارسة الموظفين للحق النقابي ثم العهد الملكي الصادر سنة 1958 جاء على شكل خطاب ملكي تم الاعتراف فيه بحرية التعبير والنشر والتعليم والاجتماع و التحزب وتكوين الجمعيات شريطة احترام النظام الملكي . 
المطلب الثاني : المصادر اللاحقة على مدونة الحريات العامة
الفرع الأول : مدونة الحريات العامة
 ويطلق على أربعة قوانين أساسية بالإضافة إلى القانون المتعلق بالحرية النقابية الذي يضيفه البعض إلى مدونة الحريات العامة .
 الفقرة الاولى : القانون المتعلق بالجمعيات
 صدر بظهير شريف رقم 1.58.376 متضمنا 41 فصلا موزعة على سبعة اجزاء  تم تعديله سنة 1973 ، لكن هذا القانون عرف تضييقات كثيرة حتى عرف باسم القانون الجنائي للحريات العامة بل إن ممارسته أوجدت قانونا عرفيا للحريات العامة تمثل في منطق التعليمات الشفوية و التهديدات البوليسية والتعذيب والترهيب .
 الفقرة الثانية : القانون المتعلق بالتجمعات العمومية
 صدر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.58.377 ويضم 26 فصلا تنظم الاجتماعات العمومية والتجمهر وعقوبات حمل السلاح في وجه الأمن ..
 الفقرة الثالثة : القانون المتعلق بالصحافة بالمغرب
 صدر بمقتضى الظهير الشريف رقم : 1.58.378 ويضم 80 فصلا على 5 ابواب تضمن قوانين الطباعة وترويج الكتب والصاق الاعلانات والنشرات والمتابعات وقد تم إدخال العديد من التعديلات عليه بما يخص الاعلام والصحافة والطبع والنشر .
الفرع الثاني : مصادر آخری
نختزلها فى القانون الاساسي للمملكة الصادر في 1961 و الدساتير المغربية
الفقرة الاولى : القانون الاساسي للمملكة
 وقد أصدره الملك الحسن الثاني تمهيدا لإصدار أول دستور فشكل بذلك مرجعية قانونية لحقوق الانسان والحريات نظرا لما تضمنه من مبادئ عامة للمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وصيانة كرامة الانسان و اقرار نظام اقتصادي بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وحاول إرساء دعائم مجال سياسي قانوني يساعد على ممارسة هذه الحقوق منها دعامتين مهمتين هما فصل السلط و استقلال القضاء .
 الفقرة الثانية : المصدر الدستوري
 حيث عرف المغرب 5 دساتير 1962-1970-1972-1992-1996 فكانت مجرد تغييرات على الدستور الأم وهو دستور 1962 ثم آخر تعديل وهو دستور 2011 الذي نص على مجموعة من الحقوق والحريات الاساسية للأفراد والجماعات في الباب الثاني تحت اسم الحريات والحقوق الاساسية من الفصل 19 إلى الفصل 40 أي حوالي 22 فصلا .
اولا : الحقوق المدنية
 1- المساواة : نص عليها الفصل 19 من دستور 2011 على الرجل والمرأة على حد سواء والحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية التي و قعع عليها المغرب كل ذلك تحت  ثوابت المملكة و قوانينها
 2- الحق في الحياة : الفصل 20 تحدث أول حق وهو الحق في الحياة ويحمي القانون هذا الحق
 3- الحق في السلامة الشخصية : حيث تطرق إلى سلامة الاشخاص والممتلكات و التراب الوطني
 4- منع الاعتقال التعسفي والحق في الصمت حتى الحصول على مساعدة قانونية .
 5- الحق في المحاكمة العادلة
 6 - الحق في ظروف اعتقال انسانية والاستفادة من برامج التكوين والتأهيل
7- منع العنصرية والكراهية والعنف والتحريض
8 - منع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية
 9 - حرمة المنزل  والاتصالات الشخصية والمال الشخصي
 10 - حرية التنقل والاستقرار
11 - حرية الرأي والتعبير
12 - الحق في المعلومة الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات التي تسير المرفق العام
13- حرية الصحافة فلا يمكن تقييدها بموجب الفصل 28 مع وضع القوانين المنظمة لذلك
14- الفصل 29 المنظم للاجتماعات العمومية والتجمهر وتأسيس الجمعيات والنقابات و الاحزاب
15- الحقوق المرتبطة بالانتخابات سواء بالتصويت أو الترشح والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية و تكافؤ الفرص .
ثانيا : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
كما نص دستور 2011 على مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالأفراد والجماعات
1- الحقوق المرتبطة بالفرد : من خلال الفصل 31 للاستفادة من العلاج والصحة العمومية والضمان الاجتماعي والتغطية الصحية والتعليم والتكوين المهني والتربية البدنية والسكن اللائق والشغل والوظائف العمومية والماء والتنمية المستدامة .
 2- الحقوق المرتبطة بالأسرة : من خلال الفصل 32 فالأسرة هي الخلية الاساسية للمجتمع وتعمل الدولة على ضمان حماية الاسرة والاعتبار المادي والمعنوي للطفل .
 3- حقوق الشباب : من خلال الفصل 33 فيشجع على التنمية الاجتماعية ومساعدة الشباب على الاندماج في الحياة العملية النشيطة وتيسير ولوج الشباب العالم التكنولوجيا و الانشطة الترفيهية والفن والرياضة مع توفير الاجواء المناسبة لذلك فتم استحداث مجلس استشاري للشباب .
 4- حقوق ذوي الحاجات : من خلال الفصل 34 ، من خلال إعادة تأهيلهم والاعتناء بهم .
 5- حق الملكية ، حيث نص الفصل 35 عليه وممارسته بموجب القانون وتضمن الدولة حق المبادرة والتنافس الحر والحفاظ على الثورات الطبيعية وعلى حقوق الاجيال القادمة .
 التشريع الدستوري المغربي في مجال حقوق الانسان يتميز بما يلي :
 1- يميز بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق الفردية والجماعية
 2- الباعث من دسترة بعض الحقوق في دستور 2011 بالاسم هو امتصاص الغضب الشعبي وتحسين صورة المغرب في المنتظم الدولي
 3 - توسيع مضمون الحقوق والحريات ليتم الانتقال إلى المفهوم الحديث لها
 4 - تطرق الفصلين 41 و 42 إلى الحقوق الدينية والحقوق الفردية والجماعية
 5 - انتقال المغرب من مجال الحريات العامة إلى مجال الحريات الاساسية مراهنا بذلك على الانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الانسان
 6 - التناقض القائم في عملية السرد الدستوري للحقوق والحريات وكذلك تعدد المرجعيات الايديولوجية
 7 - توسيع مجالات الحقوق والحريات الواردة في الدستور وتسميتها بالأساسية فضلا عن طابعها العام والكوني .
 8- تسمية الحقوق والحريات في الباب الثاني بالأساسية يجعلنا نؤكد وجود حقوق عادية غير اساسية
المبحث الثاني : المصادر الايديولوجية
 المطلب الأول : المرجعية الاسلامية
وتتبدئ لنا من خلال الخطب الملكية و الدستور المغربي و الاتفاقيات والمعاهدات الدولية
الفرع الأول : الخطب الملكية
1- من خلال طبيعة النظام السياسي القائم في المغرب أي النظام الملكي القائم على البيعة التعاقدية
2- الاحالة الملكية في الخطب على المرجعية الاسلامية
الفرع الثاني : من خلال الدستور
1- من خلال الفقرة 2 من التصدير " المملكة المغربية دولة اسلامية "
 2 - ما نص عليه الفصل 3 من أن الاسلام دين الدولة
 3- ما نص عليه الفصل 41 من أن الملك أمير المؤمنين وحامى حمى الملة والدين
 4- ما نص عليه الفصل 42 من أن أولوية الشريعة الاسلامية على ما عداها من الشرائع
الفرع الثالث : من خلال الاتفاقيات والمعاهدات
 وتظهر من خلال التحفظات التي يسلكها المغرب كأسلوب للمصادقة عليها
1 - تحفظ المغرب على حرية الدين للطفل نظرا أن الاسلام هو دين الدولة
 2 - تحفظ المغرب عل مقتضيات كل اتفاقية تتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية
المطلب الثاني : المرجعية الغربية
أولا : ما نصت عليه الفقرة 3 من تصدير الدستور من أن المغرب عضو نشيط فى إطار المنظمات الدولية
ثانيا : في عملية تنظيم مختلف أنواع الحريات العامة
ثالثا : في عملية تصنيف الحقوق الواردة في الدستور المغربي حيث نجد تصنيفا غريبا خالصا حيث قسم إلى الحقوق المدنية والسياسية كالحق في الحياة والمساواة وتحريم الاعتقال التعسفي وحرية التعبير والعبادة والانتخابب و الترشح والفكر والصحافة والتنقل ثم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كالحق في الشغل والتعليم و الاضراب والعلاج والسكن والتجارة والمنافسة الشريفة وحق الملكية وتكافؤ القرص ثم الحقوق البيئية وهي الحق في الماء والعيش في بينة سليمة والتنمية المستدامة ثم الحقوق الخاصة كحقوق الطفل والمرأة و الاسرة والشباب و الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة و الاشخاص المسنين .
الفصل الثاني : دراسة نماذج من الحقوق والحرياٌت
المبحث الأول : نماذج من حقوق الانسان
المطلب الأول : حق الشعب في تقرير المصير
 هو مبدأ واسع وموضوع شائك يجمع بين مميزات الحقوق الفردية والجماعية .
 الفرع الأول : مضمون حق الشعب في تقرير المصير
ظهر في القرن 20 بعد كفاح طويل وأكد عليه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
"لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير ولها أن تقر بحرية كيانها السياسي وتواصل بحرية نموها الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي ، وللشعوب الحق في التصرف بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية "
الفرع الثاني : المغرب ومبدأ الحق في تقرير المصير
رغم أن المغرب حصل على استقلاله لكن هناك إشكاليات في التصرف بحرية في الثروات الطبيعية والموارد البشرية وحرية الاختيار السياسي والحرية في اختيار المناهج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
المطلب الثاني : الحق فى التنمية
 لا بد للحقوق من توفر التنمية فالجائع لا يمكنه أن يفكر في غير الخبز فأكبر عقبة أمام الحقوق هو التنمية الفرع الأول : تعريف الحق في التنمية
 هو الحق في العيش الكريم وهو حق مختلف عن باقي الحقوق فهو حق فردي جماعي ومتعدد الابعاد ویقتضي اتخاذ تدابیر اقتصادیة و سیاسیة ضرورية کتوزیع الثروات والخیرات بشكل عادل .
 الفرع الثاني : الحق في التنمية من خلال الاليات الدولية
نظرا لمكانته المهمة نصت عليه الكثير من المؤسسات والمواثيق أهمها ميثاق الامم المتحدة ولجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان والمؤتمر العالمي لحقوق الانسان ، وهو مختلف عن باقي الحقوق الاخرى فهو ينتمي إلى الجيل الثالث من الحقوق ومبني أساسا على الجيل الأول المرتكز على الحقوق الفردية المدنية
والسياسية والجيل الثاني المعتمد على الحقوق الجماعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمساواة .
المبحث الثاني : نماذج من الحريات العامة
 الحريات العامة في المغرب حليب بلا زبد والتشريعات الداخلية لا تكف من محاولة تحديد نطاقهاالمطلب الأول : الحق في تأسيسٌ الجمعياٌت
الفرع الأول : تعريف الجمعيات
عرفها ظهير 1958 " هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الارباح فيما بينهم "
أركان قيام الجمعية :
 1- الاتفاق في الارادة و الاهداف
 2- المرونة والتعاون المستمر ، فمن حيث العدد شخصين كاف فبإمكان زوج و زوجته إنشاء جمعية
 3- المعيار غير توزيع الارباح بصفة غير مقاولاتية لكن المشرع يجيز تحقيق الربح لكن لفائدة الجمعية وتجهيز الجمعية وتمويل الانشطة وليس لفائدة الاعضاء
الفرع الثاني : تأسيس الجمعيات
إذا كان الحق في تأسيس الجمعيات مطلقا في تعريفه فإنه مقيد في ممارسته بشروط موضوعية وأخرى إجرائية توفق بين الحرية والسلطة . فالمغرب مثلا لم يتبنى مبدأ الإقليمية واشترط على المستوى العضوي ضرورة أن يكون أعضاء المكتب المسير منتمون لنفس الاقليم أو الجهة أما على المستوى الوظيفي فاشترط أن يشمل نشاط الجمعية سكان الجماعة مقر الجمعية وفي حدود ضيقة استثنائية امكانية تمدد نشاط الجمعية على مجموع التراب الوطني أو خارج الوطن .
الفقرة الأولى : حرية تأسيس الجمعيات
الفصل الثاني من ظهير تأسيس الجمعيات يسمح بتأسيس الجمعية دون سابق إذن أو تصريح من السلطات بشرط أن تقدم تصريحا إلى الادارة المحلية القائد أو الباشا والى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدائرة
الفقرة الثانية : كيفية تأسيس الجمعيات
تقدم الجمعية تصريحا لدى الادارة المحلية القائد أو الباشا مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل ايداع مؤقت مختوم ومؤرخ ثم توجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة نسخة من التصريح قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب ثم يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه ستون يوما وفي حالة
عدم تسليمه داخل أجل 60 يوما جاز للجمعية أن تمارس نشاطها .
الفقرة الثالثة : أنواع الجمعيات
 منظومة الجمعيات فى المغرب جد واسعة ما بين المنفعة العامة والسياسية و الاجنبية والاتحادية .
أولا : الجمعيات الحاملة لصفة المنفعة العامة
هي كل جمعية ما عدا الجمعيات السياسية يعترف لها بالمنفعة العامة بعد إجراء بحث ويتم الرد عليه في أجل لا يتعدى 6 أشهر ويترتب على الاعتراف بالجمعية مجموعة من الحقوق والالتزامات .
الشروط اللازمة لقبول طلب الحصول على صفة المنفعة العامة
1- أن تكون مؤسسة طبقا لأحكام الظهير الشريف رقم 1.58.376
 2- ان تتوفر على القدرات المالية لإنجاز المهام المحددة في نظامها الاساسي
3 - أن يكون لها نظام أساسي ونظام داخلي يضمن للأعضاء المشاركة الفعلية في تدبير الجمعية
 4 - أن يكون الهدف هو المصلحة العامة محليا أو جهويا أو وطنيا
 5- محاسبة مضبوطة توضح الوضعية المالية
 6- أن تخضع للمراقبة الادارية وتقديم المعلومات للجهات الادارية
مسطرة اكتساب صفة المنفعة العامة
 1- نسخة من الوصل النهائي لإيداع ملف تأسيس الجمعية
 2- نسختين من النظام الاساسي والنظام الداخلي
 3- نسختين من قائمة الاعضاء فى المكتب المسير
 4- تقرير عن أنشطة الجمعية وبرنامج عملها ل3 سنوات القادمة
 5- الوضعية المالية للجمعية وقيمة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة
6- نسخة من محضر المداولات للجهاز المختص في الجمعية الذي يأذن بتقديم طلب الاعتراف بصفة المنفعة العامة لفائدة الجمعية المعنية
نتائج الاعتراف بصفة المنفعة العامة
الامتيازات المصاحبة لصفة المنفعة العامة :
 1 - الامتلاك ضمن الحدود المبينة في مرسوم الاعتراف
 2 - الاقتناء بدون عوض بموجب عقود
 3 - الالتزام باستعمال النقود في الاهداف المخصصة لها
 4 - الإشارة إلى المبلغ التقديري من عملية التماس الاحسان العمومي ،
 أما الالتزامات المصاحبة للاعتراف فهي :
1- ضرورة التزام الجمعية بما ورد في قانونها الاساسي
 2- الامساك بالمحاسبة المالية و الادلاء بالقوائم التركيبية للذمة المالية وقيمة الممتلكات .
ثانيا : الأحزاب السياسية
تنظم الأحزاب بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.166 الصادر 2011 بتنفيذ القانون التنظيمي 29.11
أ -  تعريف الحزب السياسي
عرفته المادة 2 من القانون السالف الذكر بأنه تنظيم سياسي دانم يتمتع بالشخصية الاعتبارية يؤسس طبقا للقانون بين أشخاص ذاتيين يتمتعون بحقوقهم المدنية والسياسية ويتقاسمون نفس المبادئ والاهداف .
 ويعمل على تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي وانخراطهم في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام والتعبير عن إرادة الناخبين و المشاركة في ممارسة السلطة على أساس التعددية والتناوب وفي نطاق المؤسسات الدستورية .
ب - تأسيس الأحزاب السياسية
نصت المادة 5 من قانون الأحزاب السياسية على جملة من الشروط
1- أن يكون المؤسسون بالغين 18 سنة شمسية كاملة
2- أن يكون المؤسسون والمسيرون مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة
3- أن يكون المؤسسون والمسيرون متمتعين بالحقوق المدنية والسياسية
4- أن يكون المؤسسون والمسيرون حاملين للجنسية المغربية وغير متحملين لأي مسؤولية سياسية فى دولة أخرى قد يحملون جنسيتها .
ج - مسطرة تأسيس حزب سياسي
نصت على ذلك المادة 6 من قانون الأحزاب
1- ضرورة ايداع الملف لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية عن طريق مفوض قضائي مقابل وصل مؤرخ ومختوم يسلم فورا .
 2- ضرورة توجيه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية نسخة من ملف التأسيس الى النيابة العامة
الحزب بمبادرة من الحكومة
3- ينشر بالجريدة الرسمية مستخرج من ملف التصريح بتأسيسٌ الحزب بمبادرة من الحكومة
د - مبادئ تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها
 1- أن يسير وفق مبادئ الديمقراطية ، ومراعاة مبادئ الحكامة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة
2- تعميم مشاركة النساء والشباب
 3- تحديد نسبة الشباب الواجب اشراكهم في الاجهزة المسيرة للحزب
4- التوفر على هياكل تنظيمية وطنية و جهوية وفروع في الجماعات الترابية
5- تقديم مرشحين نزهاء وأكفاء ومؤهلين النظام الأساسي للحزب
يجب أن يتوفر النظام الاساسي للحزب على البيانات التالية :
1- تسمية الحزب ورمزه و مقره المركزي
2- اختصاصات وتأليف مختلف الأجهزة
3- حقوق و واجبات الاعضاء
4- طريقة ومسطرة تزكية مرشحي الحزب لمختلف العمليات الانتخابية
5- دورات انعقاد اجتماعات الاجهزة
6- مدة انتداب المسؤولين
7 - شروط انخراط الاعضاء وشروط اقالتهم أو استقالتهم
 8 - العقوبات المطبقة على الاعضاء وأجهزة الحزب المكلفة بذلك
 9 - كيفية الانضمام للحزب وكيفية الانسحاب
 10 - التوفر على أجهزة : المراقبة المالية ، التحكيم ، المناصفة ، الترشيحات ، المغاربة بالخارج
ثالثا : الجمعيات الأجنبية وما في حكمها
 عرفها المشرع المغربي في الفصل 21 من قانون الجمعيات الأجنبية بأنها الهيئات التي لها مميزات جمعية ولها مقر في الخارج ويكون مسيروها أجانب أو يديرها أجانب ومقرها في المغرب وهي تخضع إلى شروط الجمعيات في المغرب مع شروط إضافية تتعلق بعدم مباشرة أي نشاط في المغرب إلا بعد تصريح سابق كما يمكن للحكومة أن ترفض تأسيس الجمعية أو عند طارئ على المسيرين أو الادارة أو عند إحداث فروع أو مؤسسات أخرى تابعة للجمعية الأجنبية بالمغرب .
رابعا : الجمعيات الاتحادية الجامعات
يمكن للجمعيات المصرح بها أن تكون اتحاديات وجامعات ويجب أن يقدم في هذا الخصوص تصريح محتوي على الجمعيات المنضوية تحته وكذا على الاهداف من تأسيسه ويطبق عليه نفس قانون الجمعيات.
المطلب الثاني : التجمعات العمومية
 نفرق بين الاجتماعات العمومية والمظاهرات بالطرق العمومية و التجمهر
 الفرع الأول : الاجتماعات العمومية
الفقرة الاولى : التعريف
 عرفها المشرع في الفصل 1 من ظهير 1958 المتعلق بالتجمعات العمومية : هو كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محدد من قبل .
الفقرة الثانية : شروط عقد الاجتماعات العمومية
يمكن أن تعقد دون اذن مسبق وفق شروط :
1 - ان يسلم تصريح للإدارة العمومية المسؤولة يبين المكان والزمان
2 - التصريح بموضوع الاجتماع
3 - التصريح موقع من طرف 3 اشخاص يقطنون في نفس العمالة مع عناوينهم ونسخ من البطاقة
الفقرة الثالثة : الموانع الواردة على الاجتماعات العمومي
1 - عدم عقدها في الطرق العمومية  
2 - عدم تمديد وقتها إلى ما بعد 12 ليلا
3 - ان يكون للاجتماع رئيس مكلف يحافظ على النظام واحترام القانون
4 - يمنع أن يكون في الاجتماع شخص يحمل سلاحا
الفرع الثاني : المظاهرات بالطرق العمومية
الفقرة الأولى : ماهية المظاهرات المباحة
 نص ظهير التجمعات العمومية أنها تخضع لوجوب تصريح مسبق ، جميع المواكب والاستعراضات والمظاهرات بالطريق العمومية ويعفى من ذلك التي تجري طبقا للعادات و التقاليد .
1 - الجنائز : من منزل الميت إلى المقبرة وتعتبر من المتعارف عليها شعبيا
2 - الاحتفالات بالمولود
3 - الاحتفالات بالزواج
4 - استعراضات القوات العمومية مثل الجيش أو الدرك تسري عليها عدم الحصول على التصريح بل يكتفى بالإخبار والإشعار للسلطات المحلية .
الفقرة الثانية : شروط التظاهر في الطرق العمومية
 1 - تسليم التصريح بالتظاهر إلى الادارة المحلية في ظرف 3 ايام قبل تاريخ المظاهرة
2 - التصريح يتضمن الاسماء للمنظمين ويوقع عليه 3 افراد على الاقل ممن يسكنون في نفس المنطقة
3 - التصريح بالمكان والساعة والتاريخ والطرق المنوي المرور منها
 الفرع الثالث : التجمهر
 ويندرج ضمن التجمعات العمومية
 الفقرة الاولى : تعريف التجمهر
 تجمع بديهي عارض غير منظم يسعى إلى تحقيق غاية غير مشروعة ومن شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات أو المس بالأمن العام ، نصت عليه الفصول 17 إلى 25 من ظهير التجمعات العمومية ، ويمنع التجمهر سواء كان سلميا أو مسلحا إلا بشرطين وهما عدم المساس بالنظام العام وأن لا يكون مسلحا .
 الفقرة الثانية : حالات التجمهر المسلح
ويعتبر مسلحا في حالتين إذا كان أشخاص ضمن المتجمهرين مسلحا ولم يقع اقصاؤهم من طرف المتجمهرين ، ويتم الاعلان عن طريق مكبر الصوت عن تفريق المتجمهرين وإلا تتدخل القوة العمومية بالقوة حماية للممتلكات العامة . وتقع المسؤولية على المنظمين .
 الفرع الرابع : الوقفات الاحتجاجية
 تتميز عن المظاهرات العمومية بكونها :
1 - الثبات والسكون
2 - التحديد الزمنی
3 - التحديد المكاني أمام مبنى حكومي أو خصوصي
 الفقرة الاولى : تعريف الوقفات الاحتجاجية
هي تطور ناتج عن مفهوم النضال الديمقراطي وتعني المطالبة بحق من الحقوق أو التنديد بأمر ما سلميا فتكون معارضة أو مناصرة ولم يتطرق إليها ظهير التجمعات العمومية لكننا نحيلها إلى الاجتهاد القضائي لملا الفراغ التشريعي الناتج عن هذه الممارسة .
وهي اجتماع عارض وتلقائي محدد من الناحية الزمنية والمكانية ينبغي أن يخضع لتصريح مسبق من الجهات المعنية .
الفقرة الثانية : شروط ممارسة الوقفات الاحتجاجية
1 - أن لا يكون الاعتداء على حق خاص أو عام
2 - ان لا يكون في زمن ومكان غير مناسبين
3 - تقديم طلب تصريح إلى السلطة المحلية
4 - المدة الزمنية للوقفة
5 - مكان الوقفة الاحتجاجية
المطلب الثالث : حرية الصحافة
 ويراد بها قدرة الصحفيين على استعمال حقهم في التعبير و الابداء عن رأيهم في الصحف والمجلات
والمطبوعات ومواقع الانترنيت ، فحرية الصحافة تساعد على إقامة حكم سياسي ديمقراطي . فهي من الحريات العامة .
الفرع الأول : الصحافة والطباعة والنشر وترويج الكتب
 نص الفصل 1 من قانون الصحافة على ما يلي :
1 - حرية الصحافة مضمونة بنص القانون
2 - لوسائل الإعلام الحرية في الوصول إلى المعلومة من مختلف مصادرها ما لم تكن سرية بنص القانون وتمارس في إطار مبادئ الدستور وأحكام القانون المنظم للمهنة واحترام أخلاقيات المهنة
الفرع الثاني : الصحافة الدورية
الفقرة الأولى : تعريف الصحافة الدورية
 عرفها الفصل 11 من قانون الصحافة انها تصدر في فترات منتظمة
الفقرة الثانية : شروط النشر
 1 - أن يقدم كل مطبوع دوري في نسختين إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية
 2- تعيين مدير للنشر
المطلب الرابع : حرياٌت أخرى
الفرع الأول : حرية التجول والتنقل
 تعتبر حرية التجول والتنقل من الحريات العامة التى نص عليها الدستور
 الفقرة الأولى : تعريف حرية التجول والتنقل
هي حرية الافراد في الانتقال من مكان إلى مكان آخر في ظل القانون المعمول به وحق الفرد في الهجرة من الوطن ومغادرته ، المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان : لكل فرد الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة أو المغادرة إلى أي بلد بما في ذلك حق الرجوع إلى بلده .
الفقرة  الثانية : مظاهر التمتع بحرية التنقل
 يضمن الدستور حرية التنقل والاستقرار في أي مكان داخل المغرب وهي خاصية دستورية لا تعني المغرب فقط
الفرع الثاني : حرية الرأي والتعبير
الفقرة الأولىتعريف حرية الرأي والتعبير
 وهي قدرة الفرد  على التعبير عن رأيه بكل حرية بغض النظر عن الوسيلة التي يسلكها سواء بالنشر أو الكتابة أو الاتصال بالناس أو بواسطة البريد أو الاذاعة أو المسرح أو الافلام أو التلفزيون أو الصحف .
الفقرة الثانية : مظاهر وقيود حرية الرأي والتعبير
 1 - اذا ما انصبت على علاقة الافراد فيما بينهم أو علاقتهم بالسلطة
 2 - احترام حقوق الاخرين وسمعتهم
 3 - حماية الأمن الوطني والنظام العام والصحة العامة و الاخلاق
 الفرع الثالث : حريات أخرى
1 - حرية الحياة الخاصة ، فالمادة 9 " لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة .
2 - حرمة المسكن ، ضد اقتحامه دون رضاه وحرية استخدامه وتعديله وتشكيله وتنظيمه وتمتد إلى ملحقاته كالسور والحديقة وقد نص على ذلك الفصل 10 من الدستور : المنزل لا تنتهك حرمته ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط و الاجراءات المنصوص عليها فى القانون .
 3 - حرية التعليم وتقوم على 3 محاور :
 - حق نشر المعلومات و الافكار والرأي والنشر
- حق الفرد في التعليم وولوج المؤسسات التعليمية
- حق الفرد في اختيار المعلمين والمدارس
4 - حريةٌ العقيدٌة  وهي حريةٌ الشخص في اختياٌر الدينٌ الذي يرٌغب فيه بكامل الحريةٌ .